أثار اسم اللاعب الإسرائيلي الفائز بالميدالية الذهبية في الجمباز الأرضي في أولمبياد طوكيو 2021، أرتيوم دولغوبيات، استغراب رئيس تحرير صحيفة «جيروزاليم بوست»، يعقوب كاتس يوم 5-8-2021، لأن اسم اللاعب الصعب ليس يهودياً، قال:
«جلستُ في مكتبي في القدس أتابع آخر أخبار الألعاب الأولومبية في طوكيو، عبر الهاتف، علمتُ بفوز أرتيوم دولغوبيات، سألتُ: هل هو يهودي؟ قالت والدتُه بلكنة عبرية في مقابلة صحافية: اسمحوا له بالزواج، فهو يعيش منذ ثلاث سنوات مع زوجته ماريا، غير اليهودية، بلا عقد زواج! نعم، بعد 73 سنة من عمر الدولة، لم تعطِ إسرائيل الحقوق لكل مواطنيها، هناك أكثر من ثلاثمائة ألف إسرائيلي لا يتمكنون من الحصول على عقد زواج في إسرائيل، لأن الحاخامية الدينية الكبرى لا تعترف بهم يهوداً، كثيرون عندما يسمعون عدم المساواة في الحقوق، يظنون أننا نتحدث عن الفلسطينيين، لكن الحقيقة هي أن عدم المساواة ينطبق على الإسرائيليين أيضاً!». انتهى الاقتباس.
هاجر، أرتيوم دولغوبيات، الحائز على الميدالية الذهبية من أوكرانيا مع والده اليهودي عام 2009 وفق قانون حق العودة، وكان عمره اثنتي عشرة سنة، المشكلة أن والدة أرتيوم ليست يهودية، إذاً فإن أرتيوم ليس يهودياً، ولا يستطيع الحصول على عقد زواج رسمي في إسرائيل، يجب أن يتهوّد من جديد وفق طقوس الحاخامية الدينية!
إن أكثر من ثلاثمائة ألف يهودي هربوا من إسرائيل، وتزوجوا خارجها زواجاً مدنياً، خاصة في قبرص واليونان، وغيرها من الدول. المشكلة تكمن في أن وزارة الداخلية لا تعترف بالزواج المدني خارج إسرائيل، صحيح أنها تمنحهم هويات، ولكنها تكتب في خانة الديانة لهم ولأولادهم (بلا دين)، وهذا يَحرِمُ الأبناءَ من التأمين الاجتماعي ومن الرعاية الصحية؛ باعتبارهم ليسوا يهوداً، ويسميهم الحريديم (أولاد زنا)؛ لأن الأمهات لسن يهوديات!
سأظل أذكر قصة الأديب الإسرائيلي اليساري، يورام كانيوك، وهو من أنصار حركة السلام، ألَّف سبع عشرة قصة، وشارك إميل حبيبي في رواية مشتركة بينهما (أرض بوعدَين) حين استلمتْ حفيدتُه، ابنة ابنته، هُويتها الإسرائيلية، وقد كُتب في خانة الديانة: (بلا دين)؛ لأن أمها، ابنة يورام نفسه، ليست يهودية، فوالدتها مسيحية، قدّم، يورام كانيوك، طلباً للمحكمة لكي تُزيل من هويته الشخصية (الديانة يهودية) وتساويه بحفيدته (بلا دين) احتجاجاً على التمييز العنصري! كسب القضية قبل وفاته بثلاث سنوات، توفي عام 2013، صدرت له بطاقة (بلا دين)!
في هذه الدولة (الديمقراطية) استبدادٌ وقمعٌ لا مثيل له في كل دول العالم، باعتراف الحاخامات أنفسهم، فقد قال الحاخام، دافيد ستاف، المرشح لمنصب الحاخام الأكبر لصحيفة «جيروزاليم بوست» 13-6-2013: «يجب منع الزواج المختلط بين اليهود وغيرهم من الديانات الأخرى، ويجب رفض عقود الزواج الممنوحة حتى من التيار الديني اليهودي المحافظ، والإصلاحي في أميركا، نحن لا نقبل انتماء الأبناء للآباء، لأن اليهود هم فقط من وُلدوا من أمهات يهوديات، حسب الشريعة الدينية»!
سمّى كثيرٌ من الحريديم زواج اليهودي بغير اليهود «هولوكوست»، كما أن جماعة الحاخام المتطرف وعضو الكنيست بن غفير، رئيس حركة (لاهافا) يطاردون اليهوديات المتزوجات من الفلسطينيين، يختطفونهن ويرجعونهن لليهودية!
للأسف، هذه القصص لا تحظى بالرواج الإعلامي، على الرغم من أنها حقائق تفضح زيف الشعار الإسرائيلي المركزي، إسرائيل واحة الديمقراطية في صحراء الديكتاتوريات العربية، هذه القصص ينشرها بعضُ المتنورين الإسرائيليين، رَصدْتُها، وكثَّفتُها بجهدِ متواضع في كتابي، «قصص نساء يهوديات معنَّفات» الصادر عام 2020، ولكنها للأسف ستظلُّ في خزانة الملفات، غير المشهورة!
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0