قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (“أمان”)، تَمير هايمن، حول اغتيال قائد “فيلق قدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، “إنني فخور بذلك لأن هذا بدأ في الحقيقة بمعلومات استخباراتية من أمان، لكنها لم تتعلق بهذا الحدث فقط، وإنما رافقت (المعلومات الاستخباراتية) هذه الفترة”. جاء ذلك في مقابلة مع هايمن نشرها موقع “واللا” الإلكتروني اليوم، الجمعة.
وتحدث هايمن عن معلومات استخباراتية حول أداء “فيلق قدس” بقيادة سليماني ضد الولايات المتحدة. “هذه معلومات أحضرناها نحن، وجعلت حاملة طائرات أميركية تستدير وعادت إلى الخليج بعد الإدراك أن سليماني كقائد فيلق قدس يفتح معركة ضد الولايات المتحدة. وهذا أمر هام، لأن الولايات المتحدة حتى ذلك الحين كانت موجودة في المنطقة بسبب داعش وليس بسبب إيران. والمعلومات ساعدت لاحقا باغتيال سليماني”.
وأضاف هايمن أن اغتيال سليماني هو “أحد أهم الأحداث وخاصة خلال ولايتي. وكان هذا الحدث الأهم من حيث الأمن القومي الإسرائيلي. فهو رجل مهم جدا. والأمر مختلف جدا بينه وبين (القيادي في الجهاد الإسلامي الذي اغتالته إسرائيل) بهاء أبو العطا، لكن في كلتا الحالتين ثمة أمر يقودني دائما في التوصية على اغتيالات. ولا ينبغي اغتيال أي أحد. ينبغي اغتيال الأشخاص الذين هم أعداء إسرائيل. الذين لديهم رؤية إستراتيجية وقدرة نافذة. وهؤلاء ليسوا كثيرين. وثمة أهمية أن ندرك أن هذا (الاغتيال) ليس حدثا بدأ وانتهى في الليلة نفسها. وإنما هناك إجراءات كاملة يتم خلالها بناء بنية تحتية تسمح بذلك”.
هايمن (الجيش الإسرائيلي)
ووفقا لهايمن، فإن “أهمية سليماني لم تنبع فقط من تمكنه من حسم أمور خلال ساعتين أو ثلاث في سورية. فهو بلور سورية أيضا. وهذه هي القصة الكبيرة، ولا يوجد أشخاص كثيرون مثله. ويوجد الآن مشغلون إيرانيون جيدون في سورية ولديهم قدرة إدارية عالية. لكن لا يمكنهم الوصول إلى مستوى اتخاذ القرار. لأنه ليس لديهم صلاحية. وعندما يكون لديك في الوقت نفسه شخصا يبلور، ويصادق أيضا، ويعمل ضد إسرائيل فإن هذا شخص خطير”.
وفيما يتعلق بالغارات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سورية، التي توصف في إسرائيل بأنها “معركة بين حربين”، اعتبر هايمن أن “المؤسسة الإيرانية لا تعرف كيف تواجه جيدا المعركة بين حربين، مع التفوق العملياتي لسلاح الجو واختراقاتنا الاستخباراتية، ولذلك اتجهوا إلى نشر مضادات جوية متطورة في الشرق الأوسط، مثل صواريخ أرض – جو وغيرها، من أجل تقليص حرية العمل الجوي والآن نحن في معركة. ونحاول أن نكتشف ونستهدف ذلك. وهذه معركة مستمرة ولم تحسم بعد”.
وحسب هايمن، فإن ما يحدث في سورية الآن هو “الإنجاز الأكبر. والاعتقاد أن الإيرانيين سيسيطرون على سورية وفق رؤية سليماني هو احتمال معدوم الآن. ولا أحد معني بذلك. وليس لدى الروس، ولا لدى النظام السوري أي قدرة ميدانية حقيقية تسمح بذلك. وهناك تراجع ثابت ومستمر للإيرانيين في سورية. والاتجاه واضح جدا: انسحاب أشخاص إيرانيين، وليس انسحاب الميليشيات السورية”.
وأضاف أنه “توجد لقوة الأسد قيود كبيرة جدا. فهو لا يحكم فعليا في الأراضي السورية كلها. لكن ثمة أمرا واحدا فعله الأسد. لقد حصر تحرك الإيرانيين وقيّده لأنه يدرك أن هذا يشكل خطرا على حكمه، ولأن هذا ضد مصلحة روسية وإسرائيلية وضد مصلحته هو. ولذلك هو يحتفظ بهم في حالة وجود مع قيود. وهذا هو الوضع الآن. وهو أحد أكبر إنجازات المعركة بين حربين”.
البرنامج النووي الإيراني
فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، قال هايمن إنه “توجد كمية تخصيب يورانيوم مقلقة جدا. وهم لم يتجاوزوا الـ60%، لكن المهم ليست النسبة وإنما اليورانيوم المخصب بمستوى مرتفع. لكن في جميع الجوانب الأخرى للبرنامج النووي الإيراني، نحن لا نرى أي تقدم. لا في مشروع السلاح، محور الاقتصاد، ولا في أي شيء آخر. لذلك، فإن الفترة الزمنية الباقية لمدة سنتين لم تتغير. لأنه من اللحظة التي يوجد فيها تخصيب، الطريق ما زالت طويلة حتى الوصول إلى القنبلة”.
مندوبا إيران في اجتماع اللجنة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، الشهر الماضي (أ.ب.)
وأضاف هايمن أن الإيرانيين “لا ينطلقون نحو قنبلة نووية الآن. ربما يحدث هذا في المستقبل البعيد. وهناك عدة بدائل أمام الإيرانيين: العودة إلى الاتفاق النووي مثلما كان. والبديل الثاني هو الانطلاق والتوجه إلى استفزاز غير مسبوق وبضمن ذلك في محاور أخرى من السلاح والتخصيب. والبديل الثالث هو التوجه إلى اتفاق مُحسّن ينجزون من خلاله أكثر مما كان في الماضي. وفي تقديري أنهم سيختارون البديل الوسط. أي محاولة دخول مفاوضات طويلة ومنهكة، ويستمرون في إطارها بتخصيب ولكن هدفها النهائي التوصل إلى نوع من الاتفاق مع الغرب. والولايات المتحدة تدرك أن الوضع تغير وهم يتجهون إلى اتفاق محسن”.