يجلس بين أربعة جدران في دكان صغير بحي الدرب الأحمر، منكبا على تصليح الأحذية، تلك المهنة التي يعمل بها طوال 42 عامًا، في يده إبرة طويلة لا تفارقه وأمامه ماكينة حديدية، تساعده على إصلاح بعض الأحذية التي يستعصى إصلاحها يدويا.
في الصباح الباكر يبدأ هشام صلاح، صاحب الـ58 عاما، عمله جالسا على كرسيه الخشبي القديم، ليحول كل الأحذية التالفة إلى جديدة مقابل بضع جنيهات يحصل عليها مقابل هذا العمل: «بقالي 42 سنة في المهنة دي، لا اشتغلت غيرها ولا خرجت بره الدكان الصغير ده، وبحمد ربنا على كل حاجة وأهمها نعمة الصحة، كفاية إني قادر أخرج وأدخل وأشتغل».
مهنة أبويا وجدودي
يحكي «هشام» أنه ورث هذا المحل القديم الذي يقع بجوار مسجد أبو حربية بالدرب الأحمر، عن أجداده، وتعلم هذه المهنة من والده، ومن يومها لم يفكر في العمل في مهنة أخرى: «دي مهنة أبويا وجدودي».
معاناة طويلة رافقت «هشام» منذ الصبا ليس فقط للحفاظ على مهنة أجداده، بل لمواكبة تغير الحياة، موضحا: «ورثت الحرفة دي عن أبويا اللي ورثها برضوا من جدي، وبشتغل بالطريقة القديمة في وقت كل الناس بتجري ورا الحاجة الجديدة، بس أنا لسه بخيط يدوي وبستخدم الماكينة في بعض الحاجات».
بدأ الرجل الستيني العمل في حرفة صناعة وإصلاح الأحذية وهو في التاسعة من عمره، موضحًا: «في الأول كان نفسي أكمل تعليمي وأبقى حد مهم وشغال في حاجة كويسة، بس الظروف المعيشية ماسمحتش، والحمد لله اتعلمت المهنة وحبيتها ومن صغري وأنا شغال فيها».
كل العاملين في هذا المجال يستخدمون الآلات الكهربائية الحديثة، بحسب «هشام» الذي أكد أن المهنة تغيرت تماما عن السابق: «دلوقتي الآلات بتخلي الشغل بطلع بسكل أسرع، زمان كنا بنبذل جهد كبير في الخياطة بالإبرة غرزة غرزة لكن دلوقتى شغل المكن مابياخدش وقت، لكن النتيجة مش بنفس جودة الشغل اليدوي»، وهو ما يجعله بحسب قوله متمسكا بالعمل اليدوي رغم وجود آلة كهربائية في دكانه الصغير.