تجديد الخطاب الدكتاتوري لا تجديد الخطاب الديني…

تعددت البرامج والحوارات التي تتناول النص الديني وتطالب بعقلنة النص واخضاعه للعقل ومنها من يقول بمحاسبة الموروث الديني وتنقيته من الخرافات والشعوذه، الي اخر الطروحات ..المثير هنا ان تسمع وتتابع هكذا حوارات علي قنوات تلفزيونية عربية لا تتمع باي حرية ولا موضوعية. والاغرب انك تعرف جيدا ان هذه القنوات والشخصيات والمفكرين مدفوعين برغبة النظام الحاكم ليقولوا ما يقولون..!  هنا ياتي السؤال ، هل فعلا هؤلاء يمكن ان يكونوا دعاةً للتنوير الديني؟ هل توقيت الحوارات والبرامج وتكثيف استضافة من كان علي رفوف المكتبات لعشرات السنين من الكتاب هدفه فعلا الاصلاح الديني ؟  
قد اكون من الحريصين علي الاصلاح الديني والسياسي والاجتماعي ومن الداعين والمتشجعين بل والعاملين من اجله منذ فترة ولكن ما اشاهده للاسف لا يدخل ابدا في تطوير الدين او الاصلاح الديني او حتي ثورة العقل علي الموروث الديني،،. ان ما يحدث في منطقتنا وتحديدا في اكبر دولتين هناك وهما مصر والسعودية لا يخرج عن كونه تجديدا للخطاب الديكتاتوري…لا يمكن ابدا ان نتصور رغبة الحاكم في الحصول علي شرعيته من حيث ضرب الاسلام السياسي كما يدعي وهو الخصم القوي للحكام هناك واشراك الشارع والمجتمع في محاربة الموروث الديني عبر محاربة الاحزاب المعارضة والقوي المدنية والديموقراطية حتي تكون الدعوة بمثابة شرعنة وانتصاراً وتاييداً لمجموعة من القتله والدكتاتوريات العسكرية او الملكية التي هي نفسها تحالفت مع الاسلام السياسي عندما كانت مصالحها متطابقة معه ضد  القوي الوطنية والقومية والعلمانية..!
ان الاصلاح الديني والانطلاقة للعصر التنويري لا يمكن ان يكون عبر سلطات هي نفسها استبدادية وديكتاتورية وقاتلة ولا تملك نية سليمة صادقة ولا قيم ولا حتي اخلاق وكل ما تبحث عنه هو حرق اعدائها ومواجهتهم بتحريض الشارع عليهم بمقولات الاصلاح الديني وتجديد الخطاب الديني واعمال العقل الخ من العبارات الخادعة… للاسف ان المخابرات واجهزة الامن هي التي تقود الاعلاميين وهي التي تحدد لهم مواضيع البرامج والتوك شو.  ولذلك فان المفكرين والذين يكتبون في هذا المجال منذ فترات طويلة  اصبحوا لعبة واداة في يد الديكتاتور واجهزته في مواجهة خصومهم الاسلاميين. ..ورغم انني لست من انصار واتباع الاسلام السياسي الا انني من اتباع التجديد والديمقراطية والمدنية والمسائلة الحقة وحرية الصحافة ومع التجديد الديني ولكن ليس من باب مبايعة الديكتاتوريات ومسح جرائمها ..
ان الشوك ينبت الشوك وان الدكتاتوريات ستنبت مجازر ومصائب ولن تكون هي من تحررنا من الموروث الديني او تكون لاعباً صادقاً في ملعب التنوير والحداثة.    وقد نري غداً او بعد غد ا تصالحاً بين قوي الاسلام السياسي في السعودية  قد يؤدي الي اعادة الخطاب الديني السلفي من اوسع الابواب وان اي تغيير للنظام في مصر او حتي في تحالفاته سيؤدي بنا الي العودة الي التبرك بالقبور والمزارات واطلاق اللحي…
الجماهير وقواها الفاعلة و المناضلة هي التي  عليها بناء نهضة تنويرية.  المفكر الحر والثوري والقائد المجتمعي تقع علي عاتقهم بناء الفكر العادل والذي يجدد وينتج وينطلق في العالم الحر…ان الدكتاتوريات في المنطقة مرتبطه بالمستعمر وتستمد القوة والدعم منه علي حساب شعوبها فكيف يمكن ان تكون صاحبة خطاب عقلاني او تنويري او حتي تنموي؟