ابتسامة هادئة رسمت على شفتيه وهو يودع أسرته وأصدقائه بمنطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية، طالبًا منهم الدعاء له إذ أنه سيخضع لعملية فتق إربي بعد أيام من معاناته مع الألم، ورغم كونها عملية بسيطة إلا أن «سيد» ذو الـ18 عامًا، كان يشعر في قرارة نفسه بأنه سيفارق الحياة ولن يستطيع العودة إلى أحضان أبويه مجددًا، ليكون شعوره نبوءة تحققت بالفعل ليفارق الحياة بعد 3 أشهر من إجرائه عملية خاطئة، تاركًا والده ووالدته في حسرة وحزن.
سيد محمد، حاصل على دبلوم صناعي، كان يعمل في سوبر ماركت لتوفير نفاقته وأسرته، كون والدته ربة منزل ووالده عامل بسيط، ويحلم بأن يدخل كلية هندسة، ومنذ فترة بسيطة عانى من آلام شديدة ليخبره الأطباء بضرورة إجراء عملية جراحية بسيطة: «يوم 15 سبتمبر ابني دخل مستشفى عندنا علشان يعمل العملية، وكان كويس جدًا وعملنا التحاليل، وحسيت أن في حاجة غلط لما لقيت الساعات بتمر وابني لسة مخرجش من العمليات، ولما سألت عليه قالولي أنه في غيبوبة».
محمد: سيد دخل العملية ومخرجش تاني
«الدكاترة قالوا لي لازم أنقل ابني لمستشفى تاني».. بالبكاء والانهيار يحكي محمد سيد محمود مأساة ابنه، إذ تفاجأ الأب بأن التقرير الطبي يثبت أن نجله حالته متأخرة جدًا بنسبة 95%: «المكان اللي عملنا فيه العملية نقلوا سيد على ضمانتهم لمستشفى الدمرداش واتكفلوا بكل حاجة، واكتشفنا أن في خطأ حصل في العملية وأن ابني حصله نقص شديد في الأكسجين بسبب التخدير، وأجهزة المراقبة مكنتش شغالة، ابني لما وصل المستشفى الكل قالي أنه ميت إكلينيكيًا ووفاته كانت مسألة وقت».
والدة سيد: ابني مات بسبب إهمال طبي
تلتقط أمل محمد، والدة الشاب الراحل طرف الحديث، مؤكدة أن ابنها كان بصحة جيدة ولم يكن يعاني من شيء: «كان عندي أمل إني ألحق ابني وأنه يعيش، قبل ما يموت كان في غيبوبة تامة بقاله 3 شهور، والقلب بس اللي كان شغال، وكان عنده جلطات في كل جسمه وعايش على جهاز التنفس الصناعي بس في العناية المركزة، ويوم الخميس الساعة 9 بالليل، كلمونا قالوا لنا ان ابني مات، أنا مش عايزة غير حقه علشان ناري تبرد من اللي عملوا كده فيه».
حرر الأب والأم محضر إثبات حالة وجرى إخطار النيابة بالأمر، وفي انتظار تقرير الطب الشرعي لمعرفة سبب الوفاة وانتظار تصريح الدفن، إذ سبق وأن جرى تحرير محضرين برقم 11110 إداري، ورقم 4440: «حسبي الله في اللي عملوا فيه كده، ابني مات بسبب إهمال طبي».