وسط المياه الغزيرة التي تُغرِق الشارع بأكمله، وبين زحام السيارات التي يتهافت أصحابها على الهروب من الأمطار، يظهر على أحد الجوانب رجل مُسن يُحاول بكل جهده أن يسحب بإحدى يديه عربته البلاستيكية من خلفه والمُحملة بأكوام الزبالة، ويمسك بالأخرى «مقشة» ثقيلة، مُرغمًا على تقبل قسوة الأمطار، وهي تهطل بغزارة على جسده النحيف، ولا تراعي هوان صحته.
بصوت ضعيف ممتزج بالرضا، يحكي عامل النظافة، دياب محمد، صاحب الـ 70 عامًا، ويعيش بقرية برنشت مركز العياط بمحافظة الجيزة، وهو يرتجف من شدة البرد، خلال حديثه لـ«»، أنه منذ صغره وهو يعمل في هذه المهنة، وبعد إتمامه الستين عامًا وخروجه على المعاش لجأ إليها أيضًا بنظام العقد، يتقاضى يوميًا 45 جنيهًا، ليتمكن من رعاية نفسه وزوجته: «كان عندي 9 بنات وجوزتهم الحمد لله».
«دياب» يستقل المواصلات من مركز العياط إلى حي الدقي
ولأن الظروف حينما تضيق لن ترحم طفلًا أو شيخًا، فأنه يجد نفسه كل يوم مُضطرًا للاستيقاظ في الرابعة فجرًا يؤدي صلاته، ومن ثم يستقل المواصلات مجيئًا من مركز العياط إلى حي الدقي، ليستغرق نحو ساعتين ونصف الساعة: «وأنا جاي بدفع 15 جنيه مواصلات، لكن وأنا راجع بركب أتوبيس الشغل»، بحسب «دياب»، وأنه يبدأ عمله في الثامنة صباحًا وحتى الواحدة ظهرًا.
دياب محمد: «اليوم اللي مشتغلهوش ميتحسبش»
مجهود كبير يحاول أن يبذله الرجل السبعيني وهو يسحب عربته المُثقلة بأكوام الزبالة، وكثيرًا ما تخونه صحته ويعجز عن سحبها، وهو ما حدث معه اليوم مما ساعد الأمطار على أن تستفرد به لتُغرقه بأكمله مُسببة له صعوبة شديدة في الحركة ومشاق في العمل: «غصب عني، اليوم اللي مشتغلهوش ميتحسبش».