ليت بولندا جارتنا !.. ،،، عبدالحليم أبو حجاج

مندوب بولندا الدائم في الأمم المتحدة ألقى بيانه اليوم في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة قضية الحرب الروسية الدائرة على أوكرانيا بعد فشل مجلس الأمن الذي تعثر بالفيتو الروسي ، وكان انعقاد الجمعية العمومية للمناقشة ثم التصويت لاتخاذ قرار أممي ضد عدوان روسيا ومطالبتها وقف القتال الذي أسفر عنه الموت والدمار وتشريد الآلاف من الأوكرانيين إلى الدول المجاورة ، وبخاصة بولندا التي فتحت لهم ذراعي الأمان . 

اسمع ماذا قال مندوب بولندا في كلمته أمام أعضاء الجمعية العمومية الأممية : 

* – حدودنا مفتوحة لكل من يشعر بالخطر على حياته ، فله في بولندا الأمن والرعاية . 

* – بولندا استقبلت الهاربين من الحرب لاجئين من بولنديين ومن جنسيات كثيرة ، ومن بينهم طلاب . 

* – الأُسر البولندية فتحت منازلها لاستقبال اللاجئين الهاربين من الحرب . 

* – وفَّرت بلادُنا 7000 سرير في 20 مستشفى مستعدة لاستقبال الجرحى والمرضى .  

هذه بولندا التي تجير الجار إذا استجار ، إنها والله قيم وأخلاق عربية وإسلامية ، تركناها نحن – العرب المسلمين – وتمسكنا بما هو أدنى درجة من حقارات التعامل الإنساني . 

أليس من حقي أن أغار ، وأتمنى لو أن بولندا من دول الجوار لنستجير بها في حروب العدو الصهيوني علينا . 

تلك هي بولندا التي تفوَّقت نخوتها القرشية في إغاثة الملهوف على دول الجوار العربي ، وأين منها دولة عربية أغاثتنا حين استنجدنا بها في حروب إسرائيل الطاحنة المدمرة على قطاع غزة الفلسطيني؟ . 

كلا والله ، ما أجارتنا أقرب الجيران لنا ، أقصد مصر العربية ، مصر أُم العرب ، مصر التي كانت مصر الناصرية ، مصر التي كانت عبر التاريخ الحضن الدفيء لكل المضطهدين ، حين كانت راية الله أكبر خفاقة فوق مآذنها ، وحين كانت راية القومية العربية ترفرف فوق أهراماتها وفوق برج جزيرتها وفوق قصر عابدينها وقصر منتزهها السكندري .  

ذهبت النخوة العربية والشهامة العربية والغضبة القرشية ، وحل محلها الخضوع والتقوقع والتخلي عن الزمن السياسي وعن المشروع الوطني الجميل . يا خسارة وألف خسارة !!!. وأعود وأردد تمنياتي : ليت بولندا في جوارنا لنهرع إلى جوارها نستجير ” بعروبتها ” حين يشتد وطيس العدوان الإسرائيلي بالدبابات وطائرات F 16 والمدافع الثقيلة والبوارج الحربية ، فلا نعرف من أين يأتينا الموت من السماء أم من البحر أم من الأرض العريضة ، ولا ” بولندا ” بجوارنا تفتح لنا معبر رفح الحدودي للجوء المدنيين العزل اتقاء الموت المفاجئ والدمار الذي لا يُطاق احتماله ، وطلباً لتمريض الجرحى في مستشفياتها .  

ليت لنا اتحاد عربي كالاتحاد الأوروبي ! ولكن كيف يكون ذلك والكارهون لنا قد توالدوا وتكاثروا؟ فبعد أن كان النظام الملكي الأردني وحده يخشى على نظامه منا ، أصبحت أنظمة عربية كثيرة تتمنى زوالنا مع زوال قضيتنا ، وينتهي أمرنا . وحين أفتش في دفاترنا الفلسطينية ، أجد أننا نحن – الفلسطينيين – قد ساهمنا في إغلاق هذا الملف الوطني ، والالتفات إلى المصالح الحزبية والانتباه إلى المنافع الشخصية . وأمسينا دولتين : دولة في الضفة الغربية تحسب أنها دولة كبرى ، ودولة في قطاع غزة تظن أنها دولة عظمى . والمنتفعون هنا وهناك هم المبشرون بنار جهنم جزاء لهم بما صنعت أيديهم بشعبنا ، وإني أراهم ما زالوا يصنعون الآثام والقبائح والموبقات . فهنيئاً لإسرائيل التي هزمتنا حين غزت عقولنا وتمكنت من السيطرة على فكرنا الوطني وعبثت بذاكرتنا القومية العربية ، ونسخَتنا عن معتقداتنا الدينية ، وهزمتنا من الداخل .*