الدخول إلى عمق البرية والغوص في أسرارها والتعرف على الكائنات التي تحيا بها، هي هواية الشاب الثلاثيني رمضان منير، ابن محافظة القاهرة، بعد مشاهدته لقناة «ناشيونال جيوجرافيك» منذ نحو 12 عامًا، وإعجابه بالمحتوى الذي تقدمه، لذا تساءل عن ما إذا كانت تلك الكائنات موجودة في مصر أم لا؟ وإن كانت الإجابة نعم، فكيف تحيا؟ فما صفاتها؟ ليبدأ منذ حينها أولى خطواته في رحلة اكتشاف البرية.
اكتشاف «رمضان» للحياة البرية
«أول رحلة عملتها كانت لمزرعة قديمة في الجبل الأصفر»، هكذا بدأ «رمضان»، صاحب الـ32 عامًا، حديثه لـ«»، عن اتجاهه للحياة البرية، إذ أنه قَصد تلك المزرعة لكونها قديمة جدًا تعود لعهد الملك فاروق، وأنه فور نزوله إليها تفاجأ بوجود كمٌ هائل من الكائنات الغريبة سواء الطيور والزواحف أو الحيوانات البرية التي لم يتوقع وجودها في مصر، أبرزها طائر الواق، وهو ماكر جدًا ويجمع في هيئته بين الحمامة والصقر.
خلال رحلته الأولى لم يستطع التقاط صورًا كثيرة للكائنات هناك؛ لافتقاده عنصر الخبرة: «كل كائن حي له خواص وصفات معينة، يعني في طيور بتشوف الشخص من على بُعد 500 متر فبتطير مبيلحقش يصورها، لكن بعد كده أتعلمت طرق التمويه والتحرك بخفة في الصحراء».
إحساس مختلف عاشه الشاب الثلاثيني من لحظة اتجاهه إلى البرية والتعرف على حياة سكانها من الكائنات المختلفة، ما شجعه على الغوص في أعماقها أكثر ومحاولة اكتشاف المزيد وتسليط الضوء على كل ما يراه: «أحلى حاجة في البرية أنها هادية ومليانة أسرار، ومن حبي ليها بدأت أخد دورات أتعلم من خلالها صناعة الأفلام الوثائقية»، بحسب «رمضان»، خريج المعهد العالي لتكنولوجيا البصريات بشيراتون.
لذا أجرى عدة رحلات أخرى خلال السنوات الماضية لأماكن مختلفة أهمها الصحراء الغربية والصحراء الشرقية وسلسلة جبال البحر الأحمر، والتي رأى خلالها أنواعًا مختلفة من الكائنات الحية مثل النمس والذئب العربي، بالإضافة إلى الطيور الدخيلة على مصر مثل عصفور الفراولة الهندي، وعصفور فضي المنقار، إلى جانب عدد كبير من الكائنات البحرية والبرمائية.
تكوين «رمضان» خبرة في التعامل مع الكائنات البرية
«أي كائن حي بصوره ببدأ أبحث عنه وأعرف عنه كل حاجة»، تلك هي الخطوات التي وضعها «رمضان» لنفسه قبل التعامل مع الكائنات بالحياة البرية، إذ كوَّن بتلك الطريقة خبرة واسعة ساعدته على التعامل مع هذه الكائنات البرية بشكل أفضل وبطريقة احترافية، وأن هناك بعض معايير الأمان التي يتبعها خلال رحلاته أهمها دراسة الموقع جيدًا قبل الذهاب إليه وحفظ مداخله ومخارجه، إلى جانب ارتداء زيًا أشبه بلون الصحراء أو الزروع الخضراء لتساعده على التنقل والتخفي بسهولة.
رغم أن بداية ابن محافظة القاهرة في اكتشاف البرية لم تكن سهلة، إلا أنه تخطى كل ما واجهه من عقبات وتمكن من حصد عدة جوائز مختلفة في مسابقات نظمتها أكاديمية البحث العلمي، منها المركز الثاني لأفضل صورة عام 2017، والمركز الأول لأفضل فيلم وثائقي 2019، وأيضًا المركز الثاني لأفضل صورة عن محور علوم الطبيعة عام 2020: «لما بدأت جديد كنت بشتغل حاجة تاني علشان أصرف منها على هوايتي لكن الحمد لله دلوقتي بقت هي مصدر دخلي».