«» حاولت الاستقصاء عن هذا الكتاب وما دار حوله من جدل، حيث أكد الدكتور علي عبدالله موسى أنّ نادي أبها الأدبي رفض طباعة الكتاب ومعه الردّ الذي كتبه على الدكتور غيثان، واختار النادي طباعة الكتاب بعيداً عن هذا السجال بعد إحالته إلى محكّم آخر أوصى بطباعة الكتاب وترجمته!
نساء بلا قيود
جاء اختيار الدكتور علي عبدالله بن موسى لهذا العنوان كما يقول تشريفاً للمرأة، لأنها أساس المجتمع، وهي رمز يعكس تقدمه وتطوره؛ لذلك كانت عنواناً لحكاية مجتمع فريد بذكوره وإناثه، بأرضه وشجره، وزرعه ونباتاته، ومياهه وحيواناته، وطيوره ووحوشه، نساء بلا قيود كما يقول هنّ أولئك النساء اللاتي عشن فترة ما قبل المدنية في قراهنّ وجبالهنّ، لا تربطهنّ بالعالم الخارجي صلات مباشرة ولكنهنّ يتواصلن بطرقهنّ المختلفة مع غيرهن من خلال الوسائل التقليدية؛ حيث يستقين المعلومات من المسافرين والحجاج ومن الباعة المتجولين ومن المتكسبين وعابري السبيل ومن المارة في تلك المناطق الشاهقة الارتفاع ومن خلال ما يسمعنه من أهلهنّ في القرى من حديث ومسامرة، ويضيف موسى، هنّ نساء يعملن ويشتغلن في معظم الأعمال، بل إنهنّ أكثر عملاً من الرجال، حيث لا قيود تمنعهنّ من المشاركة في جميع مسارات الحياة اليومية.
ألف يوم ويوم
ارتبط نشاط الناس وعملهم في الجنوب بالنهار، وكذلك تاريخ المجتمع الذي تميز بكثير من القيم والعادات والتقاليد التي تمسك بها في مشواره الطويل مع الحياة، لذلك توارث الأبناء والبنات هذا التناغم مع البيئة ومكوناتها من جيل إلى جيل فمنحتهم الأرض الاستقرار والكرامة وبادلوها بالإخلاص وحافظوا عليها.
لا يعتمد الكتاب كما يقول مؤلفه على منهج بحث معين، ولكنه سرد من الذاكرة لما شاهده المؤلف منذ ولادته وسط القرى التي سمحت له بالعمل في معظم المهن والمهام التي قام بها أهل القرى وحتى يوم كتابة هذه الكلمات.
استعان المؤلف في كتابة هذا العمل بما رآه وعمله وعاشه وسمعه من المجتمع عبر السنين، وما توارثه هذا المجتمع من الروايات والقصص عن الآباء والأجداد.
بدأ المؤلف كتابه بحياة القروي التي تبدأ بأذان الفجر، فالوضوء والطهارة، وصلاة الفجر، والقروع، والاستعداد للعمل، والحوش، والزريبة، وشركاء الحياة، فالضأن والماعز والثور والحمار والبقرة والجمل والخيول والدجاج والكلاب والقطط، فالوحوش والأشجار والطيور ومعها رفق الإنسان القرويّ بكلّ هذه الحيوانات.
لم ينسَ مؤلف كتاب «نساء بلا قيود… نساء بلا حدود» وظيفة الإنسان القرويّ في الجنوب مع الحياة، فكتب عن علاقة هذا الإنسان بالحرث والزرع وطقوسهما، كما كتب عن الصناعة والرعي، والاحتطاب وتربية النحل، وعن الأطعمة وآدابها، والقضاء والتعليم والأسواق والغزو إبّان مواجهة العثمانيين، والحقوق والواجبات الداخلة في أعراف القرى وتقاليدهم، كما كتب عن البيوت وطريقة بنائها، ودور المرأة في كلّ ذلك.
أما النظافة واللبس، فقد أوكل للمرأة هذه المهمّة الشاقة، إذ تتولى تنظيف البيت وتهويته وغسل الملابس وتجفيفها وتجهيز بيتها لاستقبال أيّ ضيف قد يحضر فجأة.
إضافة إلى اهتمامها بمظهرها وشكلها وملابسها الجنوبية التي تمنحها وجوداً محفوفاً بالحياء والحشمة والنظافة والطهر، فهي تمتشط وتغير ملابسها في اليوم حسب جدولها ومهامها.
كما ربط حجاب المرأة في الجنوب بعفة الرجال وحشمتهم، فالمرأة في الجنوب لا تغطي وجهها ولا تتنقّب كما ذكر المؤلف من الأجنبي ولا الأجناب، وتتحدث إليهم بثقة نفس، وترد على من يسلم بالسلام، وتأخذ مسافة كافية بينها وبين الآخرين، وتجالس الأرحام من الأقارب والجيران وأهل القرية، وقد تبادر إلى دعوة الشخص الذي تلقاه في الطريق أو عند منزلها لمجرد الكرم والضيافة ونواميس القرية التي تعتبر الضيافة جزءاً أساسياً من نواميسها ولا ينكر عليها أحد الضيافة للضيف.
وربط المؤلف الألعاب والترفيه بطبيعة الجنوبي الذي يحبّ الحياة والفرح المبني على القيم والعادات والأخلاق الحميدة، لذلك تعدّد الإبداع في حياته وأرضه، ابتداء ببناء المنازل المحصنة، والمزارع المنمقة، والصناعات العملية، والملابس الجميلة، والرقصات المختلفة، وليس انتهاء بالألعاب المختلفة التي يمارسها الرجال والنساء على حدّ سواء كـ: المطرة والمساراة والمقطار والطاقية والزقطة والنصع… إلخ.
نساء بلا قيود
يحيل المؤلف في الجزء الثاني من الكتاب «نساء بلا قيود» التغيير إلى الحداثة التي حرفت مسار الحياة في القرى الجنوبية، فاختار لها مؤلف الكتاب ألف ليلة وليلة، بدأها بالكتابة عن الأرض والعرض، ولمحة عن تاريخ المنطقة، والدولة والمواطنة، والمذياع والبكم، ومدارس البنين، ومدارس البنات، والسيارات، والتركترات، والحراثات والطواحين، والطائرة، والكهرباء، والأدوات الكهربائية، والمضخات والصهاريج والمستوصفات والقمح الأجنبي والخبز الأجنبي. كما ركز المؤلف على الوعظ والإرشاد الذي رافق التعليم، وشدّد على المرأة في النقاب والعباءة، فدعاها إلى عدم الاختلاط والسفور، وبدأ الصراع في المفاهيم والمصطلحات والأفكار كما يقول المؤلف بطريقة لم تكن في ذهنيّة أهل الجنوب، ففرض الرجال النقاب على النساء حتى وصل الخوف على المرأة ببعضهم إلى درجة عدم ذكر اسمها إلاّ بصوت منخفض أو استخدام بنت فلان أو أخت أو بنت عم أو خال فلان!
صراع ينذر بالموتهذا الصراع بين القديم والحديث لم يكن سوى خطر قادم تعرفه الرحى والأرض والحبوب والبقر التي تعمل وتحرث وتدوس كما يقول المؤلف، لقد كانت تشعر أنّ هناك موتاً قادماً ولكنها أضعف من أن تواجهه أو تتمرد عليه، أما المرأة كما يقول فقد مورست عليها ضغوط كبيرة من جانب أدوات الحداثة ووسائلها ومحتوياتها ومروجيها الذين تمكنوا من الدخول للمرأة وعقلها وفكرها وسمعها وبصرها ومشاعرها واحتياجاتها تحت عباءتها ونقابها، واستطاعوا أن يغيروها تغييراً جذرياً من خلال مقتنيات الحداثة وأدواتها، وأيضاً مارس عليها أهلها الذين أدخلوا عليها أدوات الحداثة من كل باب ونافذة ضغوطهم وتوجيهاتهم وأفكارهم مثلما أقنعوها بالنقاب والعباءة من خلال المواعظ التي يسمعونها ويتعرضون لها من أماكن مختلفة.
لماذا الخلاف؟!
هذا الكتاب «نساء بلا قيود… نساء بلا حدود» كما يقول مؤلفه صدر في طبعة محدودة عام 2012م، ووقعه في معرض الرياض الدولي للكتاب، لكنه لم يُكتب له الانتشار بشكل كبير في أوساط الناس، إلاّ أنّه وصل إلى عدد من الأدباء والمثقفين، وكتب عنه الأديبان محمد بن عبدالله بن حميد رحمه الله مقالاً، كما كتب عنه الشاعر أحمد عبدالله عسيري مقالاً (صحيفة الوطن: 28/يونيو / 2013) حيث وصف عسيري الكتاب بأنه دراسة تفصح عن وعي شديد واستيعاب عقلاني لذخائر الموروث الإنساني للمرأة في عسير، كما أنّ البحث انفتح على فهم الفعل التاريخي للإنسان، ضمن منطق وخطاب كوني يمس جوهر البشرية ومعطياتها، ولذا جاءت الدراسة متحركة جدلية مدهشة، ترقى إلى سقف غير متناهٍ من التحليل والكشف والوصف والنزوع القيمي، ورغم ما كتبه عسيري وابن حميد عن هذا الكتاب إلّا أنّ نقداً حاداً تعرض له من قبل الباحث محمد أحمد معبر، وعلّق عليه الدكتور غيثان ونشر في كتاب الدكتور غيثان بن علي بن جريس «القول المكتوب في تاريخ عسير» الجزء الـ12 عام 2017م، ومع اعتراض الدكتور غيثان على الكتاب إلاّ أنّ نادي أبها الأدبي أحال الكتاب في 2019م بعد أن طالب الدكتور موسى النادي الأدبي بطباعة الكتاب طبعة ثانية إلى الدكتور غيثان لتحكيمه، وهنا يبرز السؤال: هل كان نادي أبها الأدبي على علم مسبق برأي الدكتور غيثان في الكتاب وأنه أراد التخلص من مسؤولية الكتاب وطباعته بإحالته إلى محكّم قرّر رفضه مسبقاً؟
براءة الناديالدكتور علي عبدالله موسى صاحب كتاب «نساء بلا قيود… نساء بلا حدود أكد» لـ«» أنّ نادي أبها الأدبي لم يكن على علم مسبق بهذه الدراسة، ولا برأي الدكتور غيثان في الكتاب، وأنّه على المستوى الشخصي تفاجأ بهذا النقد، ولولا أنّ الدكتور غيثان قد أحال في الخطاب الذي وجهه للنادي وحصلت «» على نسخة منه إلى الكتاب والجزء المنشور فيه لما علم هو بذلك!
وأضاف أنه أعدّ رداً مطولاً على ما ورد في كتاب «القول المكتوب في تاريخ الجنوب» وأرفقه بكتابه لطباعته مع طبعة الكتاب الجديدة إلاّ أنّ نادي أبها الأدبي رفض ذلك.
أوجه الاختلاف
أرادت «» التعرّف على أوجه الاختلاف على كتاب «نساء بلا قيود… نساء بلا حدود» التي أوردها الباحث محمد معبر وأيده في كثير منها الدكتور غيثان في كتابه «القول المكتوب في تاريخ الجنوب» الجزء الـ12، إلاّ أنّنا لم نتمكن من الحصول على نسخة من الجزء الـ12 رغم وجود نسخ أخرى من الأجزاء المتبقية في المكتبات التجارية في المنطقة، كما تم حذف هذا الجزء من الموقع الرسمي للدكتور غيثان على الإنترنت: http://profghithan.com
ومع محاولات البحث الحثيثة عن القول المكتوب الجزء الـ12 والاطلاع على أبرز الملحوظات التي وردت حول كتاب «نساء بلا قيود… نساء بلا حدود» توصلنا إلى هذا المبحث ويمكننا اختصار أوجه الاختلاف في الآتي:
• الاختلاف في الآراء والرؤى.
• النقاشات والحوارات تتعارض مع بعض الثوابت الشرعية.
• إهمال البسملة والتحميد لله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله.
• الحد المكاني والزماني.
• التكرار.
• الحداثة.
• ضبط الألفاظ.
• صورة الغلاف.
• الحجاب.
• دور الأتراك في المنطقة.