جدول المحتويات
ماهي اول هديه اهديت للرسول ؟ هو أحد الأسئلة التي لا بدّ من الإجابة عنها، والهدية في الإسلام تعبّر عن الحبّ والأخوة بين المسلمين درجة من درجات القرابة والدّم، تجعل للمرء على أخيه واجباتٍ لا تعدّ ولا تحصى، ولكن الأخوة في الإسلام جاءت بمفاهيمَ مغايرةٍ وغير تقليدية، فصارت الأخوة مفهومًا عظيمًا، وعلاقاتٍ واسعة، متحررةً من رباط الدم والنسب، موثوقةً بوَثاق أهمَّ وأعظم، وهو الرباط الإلهي غايتها رضاه سبحانه وبلوغ الجنة، فالأخوةُ لأجل الله جعلت الغني في الإسلام أخًا للفقير دون استكبار، والأبيضَ أخًا للأسود دون تمييز، والأخوة الخالصة لوجهه الكريم.
ماهي اول هديه اهديت للرسول
إنّ أول هدية أهديت لرسول الله عليه الصلاة والسّلام هي قصعة خبزٍ وسمنٌ ولبنٌ من الصحابي الجليل زيد بن حارثة رضي الله عنه، وهو مولي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكاتب الوحي وقد توفي سنة 45 هجريّة عن 56 عامًا، قال زيد بن ثابت: “أول هدية أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل دار أبى أيوب، أنا جئتُ بها، قصعةٌ فيها خبز مثرود بلبن وسمن، فقلت: أرسلت بهذه القصعة أمي. فقال: بارك الله فيك وفي أمك، ودعا أصحابه فأكلوا”، والله أعلم.[1]
الهدية في الإسلام
الهدية والهبة والصدقة والعطية كلها بمعانٍ متقاربة، وكلها تمليك في الحياة بغير عوض، واسم العطية شامل لجميعها، وكذلك الهبة، ولكن تعريف الهدية يختلف عن تعريف الصدقة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، والتهادي بين الناس أمرٌ مرغوبٌ فيه شرعًا وعادةً، والهدية يهديها الأخ لأخيه، هي رسول خير، ومظهر حب، ووسيلة قربى، ومبعث أنس، تـُقرِّب البعيد، وتصل المقطوع، وتشق طريق الدعوة إلى النفوس، إذ ترقق قلب متلقيها، وتجبره على توثيق علاقته مع ملقيها، فالهدية وإن صغرت من أهم وسائل كسب القلوب، وبناء العلاقة بين الناس، وهي قد تكون بسيطة جدًا في قيمتها، ولكنها تدخل سرورًا، وتظهر مدى الاهتمام، والهدية لها دور كبير ومهم في استلال سخائم الحقد، وأدران التنافس والحسد من القلوب، ثم غرس أسمى معاني الثقة والمحبة والألفة والمودة بين المسلمين.[2]
شاهد أيضًا: كم عدد الذين حرمت عليهم الصدقة
ضوابط التهادي في الإسلام
بعد الإجابة على ماهي اول هديه اهديت للرسول سنتحدّث عن ضوابط التهادي بين المسلمين، يلتزم المسلم بأحكام الشرع في مجالات حياته كلّها، فالمسلم يتبعُ أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في شؤونه كلها، ويحرمُ العدولُ عنها إلى اتباع أهواءه وشهواته، فالمسلم منضبطٌ بضوابط الشرع، والانضباط هو أخذ الأمور بحزمٍ وقوةٍ، بحيث تبقى أفعال المسلم وتصرفاته ضمن الحكم الشرعي، والانضباط روح الإسلام، فكلمة الإسلام تؤكد على الاستسلام لأحكام الله عزّ وجلّ، ابتداءً بالعقيدة وانتهاءً بالشريعة،وفيما يأتي أهم الضوابط التي حددتها الشريعة الإسلاميّة في أمر التهادي بين المسلمين:[3]
- تحرم الهدية للموظف، فالأصل المقرر عند الفقهاء أن من تولى مسؤوليةً أو وظيفةً عامةً أو خاصةً، أنه يحرم عليه قبول هديةٍ أو مكافأةٍ جاءته بحكم مسؤوليته تلك أو وظيفته، إلا إذا أذنت له جهة العمل المشغلة له بقبولها، والهدية للموظف والمكافأة والإكرامية ما جاءت للموظف إلا باعتبار أنه موظفٌ وليس باعتبار شخصيته العادية، وإلا كانت رشوة محرمة.
- من ضوابط تعريف الهدية في ذاتها أنها إن كانت حرامًا كالخمر والخنزير والصلبان والشعارات الدينية لغير المسلمين ونحو ذلك، فلا يجوزُ شرعًا إهداؤها ولا قَبولها، وإن كان يحرم استعمالها في حالٍ دون حالٍ كالحرير مثلًا، فيجوز قبولها والتصرف فيها بالبيع أو الإهداء ونحوهما.
- تحرم الهديةُ من المقترض للمقرض؛ لأنّ كلّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربا، وهذا وإن لم يكن حديثًا ثابتًا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فمعناه صحيحٌ، فالهدية التي يقدّمها المقترض للمقرض قبل السداد، ولم تَجْري العادة في التهادي بينهما فيها شبهة بالربا.
- تحرم الهدايا للكفار إذا كانت مرتبطةً بعقائدهم الباطلة، كالهدايا المرتبطة بأعيادهم الدينية تعظيمًا لها، فيُخشى على من فعل ذلك الكفر، فيحرمُ على المسلم أن يعظم شعائر الكافرين.
- يجوز قبول هدايا الكفار بمناسبة أعيادهم الدينية على الراجح من أقوال أهل العلم ما لم يكن في ذلك محظورٌ شرعي.
وهكذا نكون قد عرفنا الإجابة على السؤال ماهي اول هديه اهديت للرسول، وبينا ما هو مفهوم الهدية في الدين الإسلاميّ، ثم أوضحنا ما هي الضوابط الشرعيّة التي يجب أن يلتزم بها المسلم في إهداء الهدية أو قبولها.