وبينما توقعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يصل عدد مغادري السودان إذا ما استمرت المعارك إلى أكثر من 860 ألف شخص، يعاني أولئك الذين يعتزمون مغادرة البلاد، أو حتى اضطروا لهجرة منازلهم في العاصمة، والتوجه نحو الشمال والشرق، متاعب جمة في رحلات صعبة للغاية، اضطروا لإنفاق كل أموالهم في سبيل قطعها، في وقت طالبت فيه الأمم المتحدة، بتوفير حماية دولية لضحايا الصراع والأوضاع المتغيرة في السودان، سواء كانوا سودانيين أو لاجئين كانوا يقيمون في السودان، أو حتى طالبي لجوء سودانيين في الدول المختلفة.
فرار من المأساة
حسب «اليونيسف»، فإن هناك تقارير تناولت المعارك في السودان، وتفيد بسقوط 7 أطفال كل ساعة بين قتيل وجريح، ولعل الخشية على الأطفال والنساء، تحديدا، هي التي حرضت كثيرين على الفرار.
وفي وقت اختار فيه كثيرون الفرار من السودان نحو دول قريبة، اختار كثير من السودانيين البقاء في بلدهم، لكنهم توجهوا نحو الشمال والشرق، قاصدين مدنا مثل كسلا والقضارف وبورتسودان، وكذلك مناطق النيل الأبيض مثل القطينة والدويم وكوستي، ومناطق النيل الأزرق القريبة مثل سنار، ومناطق الجزيرة مثل الكاملين والحصاحيصا ومدني، وما حولها من القرى.
وقد تجنب الفارون النزوح إلى دارفور وكردفان، إذ تشهد دافور صراعا داميا أكثر تعقيدا مما يجري في الخرطوم. كما شهدت صراعات قبلية دامية بين القبائل العربية والإفريقية. بينما يرتبط جزء كبير من ولايات كردفان بهذه الصراعات التي ذكرناها، بالإضافة إلى الحروب التي دارت بين قوات الحكومة ومتمردي جنوب كردفان. كذلك الأمر بالنسبة لمناطق النيل الأزرق القريبة من الحدود الإثيوبية مثل الروصيرص والدمازين والكرمك.
توافد كبير
منذ الأيام الأولى للاشتباكات، شهدت مناطق الشمال السوداني توافدا كبيرا من الفارين من العاصمة، حيث استقبلت مدن: عطبرة والدامر وشندي وبربر وأبوحمد ومروي وكريمة ونوري والغابة والدبة والقولد ودنقلا وعبري وحلفا كثيرا من هؤلاء.
وفي بداية النزاع المسلح كان أمام سكان الخرطوم طريق واحد للنزوح، وهو الاتجاه جنوبا نحو مدن النيل الأبيض والنيل الأزرق والجزيرة، بينما اتجه سكان بحري شمالا وشرقا، واتجه سكان أم درمان جنوبا وغربا وشمالا. ومع خفوت حدة القتال، ومع الهدنة التي تم تمديدها أكثر من مرة، أصبح أمام سكان المدن الثلاث الفرصة للاتجاه إلى المدن والمناطق التي يريدون النزوح إليها.
غلاء الإيجارات
تشهد مدن السودان عامة، وحتى قبل اندلاع الصراع، غلاء كبيرا جدا في إيجارات المنازل،
مقارنة بدخل المواطنين بسبب قلة المعروض من الشقق نتيجة قلة الاستثمارات في مجال الإسكان، ولجوء الناس إلى التمدد الأفقي في المباني السكنية، وتفضيلهم السكن في البيوت الواسعة.
وتشهد الخرطوم ارتفاعا غريبا في أسعار العقارات، بيعا وإيجارا، مقارنة بمدن عربية وإفريقية أخرى، حتى إن إيجار بيت في الخرطوم يكفي المؤجر لاستئجار شقة في مصر، والإنفاق على نفسه وعائلته مما تبقى من إيجار بيته في الخرطوم دون الحاجة لأي دخل إضافي.
ويبدو الإيجار أكثر صعوبة في بقية مدن الولايات بالسودان نتيجة قلة المعروض، حيث ارتفعت الأسعار على نحو كبير في ظل هذا الظرف الطارئ، لكن ما يخفف من حدة الأمر وجود كثير من القرى القريبة التي تستضيف الزوار في بيوتها الواسعة والفارغة مجانا، مع توفير وجبات لهم من الأهالي.
كما اختار كثير من الفارين من الحرب الاتجاه نحو مناطق عوائلهم الممتدة وأقاربهم، لتوفير تكاليف إيجار المساكن.
ففي مدينة مدني، وصل إيجار شقة صغيرة إلى حدود 80 ألف جنيه سوداني إن وجدت.
7 أطفال يسقطون بين قتيل وجريح كل ساعة خلال المعارك
860 ألف شخص يتوقع مغادرتهم السودان إذا استمرت المعارك سكان الخرطوم يهجرونها ويفرون منها مع الهدنة.
بدأ السكان يتوجهون إلى مدن عدة
ارتفاعات باهظة جدا في إيجارات الشقق نتيجة قلة المعروض
كثير من الفارين يلجؤون إلى عوائلهم وأقاربهم في المدن والقرى الأخرى