مسؤولون إسرائيليون للولايات المتحدة: لا انسحاب كاملاً من قطاع غزة في هذه المرحلة

بعث مسؤولون إسرائيليون رسائل للولايات المتحدة، تشير إلى نية الاحتلال الإسرائيلي البقاء في قطاع غزة لفترة غير محدودة.

وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، بأن الإدارة الأميركية تسمع من حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو تصريحات ومواقف مخيّبة للآمال بشأن السلطة الفلسطينية والسيطرة على أجزاء من قطاع غزة، الأمر الذي يثير مخاوف الأميركيين.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم، أنه على صعيد البقاء في قطاع غزة، فإن إسرائيل توضح أن ليست لديها نية لضم أجزاء من القطاع أو الاستيطان فيه، لكنها تنوي الإبقاء على قوات كبيرة من جيش الاحتلال بمناطق في شمال القطاع، أيضاً بعد انتهاء المرحلة الحالية والشديدة من الحرب.

وتابع المسؤولون الإسرائيليون بأن رسائل بهذا المضمون وُجهت إلى الولايات المتحدة، مضيفين أنه لن يتم السماح بعودة فورية لجميع الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع، واضطروا لترك منازلهم في أعقاب الحرب، “لكن ستكون هناك عملية عودة تدريجية تمتد على فترة طويلة ونحن (أي إسرائيل) سنقرر من يعود إلى الشمال ومن لا يعود، من أجل التأكد من عدم وجود مخربين هناك”، على حد تعبيرهم.

وأوضح المسؤولون أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيحافظ في المرحلة المقبلة على وجوده في شمال قطاع غزة وكذلك في محور وادي غزة وليس بعيداً عن مدينة غزة.

وكانت ذات الصحيفة قد نشرت يوم أمس أقوالاً لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال الجلسة المغلقة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية والتي قال فيها: “(ديفيد) بن غوريون كان قائداً عظيماً، لكنه في النهاية استسلم للضغوط الأميركية. رئيس حكومة لا يستطيع الصمود أمام الضغوط الأميركية، عليه ألا يدخل مكتب رئيس الوزراء”.

وقصد نتنياهو بذلك الانسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة عام 1956.

ويحاول نتنياهو تسويق نفسه للإسرائيليين على أنه رئيس حكومة يقوم بالعمل من أجل مصلحة دولة الاحتلال دون الخضوع لأي إملاءات خارجية حتى لو كانت من قبل الإدارة الأميركية، فيما يروّج في ذات الوقت أن أي رئيس حكومة غيره قد يخضع لمثل هذه الإملاءات. ويفيد ذلك نتنياهو في تعزيز شعبيته في أوساط اليمين.

في سياق متصل، أشارت الصحيفة العبرية إلى وجود إجماع واسع لدى المستوى السياسي الإسرائيلي بأنه لن يكون هنالك انسحاب سريع وكامل من قطاع غزة.

وأوضحت تل أبيب لواشنطن في رسائلها: “ليست لدينا مصلحة في البقاء في غزة، أو احتلال منطقة عازلة لسنوات. ولكن لا يمكننا توفير الأمن إذا لم نكن هناك في هذا الإطار الزمني. وإلا كيف سيشعر سكان ناحال عوز (إحدى مستوطنات غلاف غزة) بالأمان ليعودوا إلى منازلهم؟”. 

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الأقوال مقبولة من أكثر من عضو واحد في مجلس الحرب (كابينت الحرب).

ورفض المقربون من نتنياهو التطرق لقضية أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في أجزاء من قطاع غزة لفترة غير محددة، فيما سيسمع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان والذي سيصل إلى إسرائيل قبل نهاية الأسبوع  أقوالاً مشابهة من أعضاء الكابينت. 

وبشأن السلطة الفلسطينية، ذكرت “يديعوت أحرونوت” أن شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، تواصل إطلاق تحذيرات استراتيجية بشأن انهيار السلطة. وأضافت أن وثائق داخلية بالمنظومة الأمنية حذّرت متخذي القرارات من أن الوضع الاقتصادي المتدهور في الضفة الغربية المحتلة يقرّب إسقاط السلطة الفلسطينية وانتفاضة جديدة ضد إسرائيل أو كلا الأمرين معاً. 

وكانت المنظومة الأمنية، بما في ذلك جيش الاحتلال وجهاز الأمن العام (الشباك)، قد أوصت بإتاحة دخول عمال فلسطينيين من الضفة الغربية للعمل داخل الخط الأخضر، وسط إجماع في مجلس الحرب على ذلك، لكن التوصيات شهدت معارضة في المجلس الوزاري الأوسع.

ولعب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو دوراً مزدوجاً في قضية العمال الفلسطينيين، فمن ناحية يبدو وكأنه جلب الحسم في الموضوع إلى “الكابينت” الاجتماعي – الاقتصادي برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش، وتم رفض طلبه، ولكنه، من جهة أخرى، لم يضغط  بما يكفي من أجل الموافقة على إدخال العمال على الرغم من إدراكه جيداً المخاطر التي قد تنجم عن التصعيد في الضفة الغربية.

وفي حالة نشوب انتفاضة أو أحداث، سيكون بإمكان نتنياهو الادعاء بأنه طرح الأمر على الكابينت ولكن الأخير منع ذلك.  وفي حال رُفض الطلب فيحصل على نقاط إضافية بأنه لم يضغط من أجل إدخال العمال الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في المنظومة الأمنية قولها: “بعنا الأمن من أجل حسابات سياسية”.

وذكرت “يديعوت أحرونوت” أن رفض نتنياهو قبول السلطة الفلسطينية كحل في قطاع غزة بخلاف موقف بايدن، ورفضه التعاطي مع ما سيكون في “اليوم التالي” للحرب بالإضافة إلى تصريحات اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيطان في قطاع غزة، فإن كل هذه الأمور تقود إدارة بايدن إلى مسار تصادمي شديد مع حكومة نتنياهو.

ومن المفارقات، تضيف الصحيفة، أن “هذه المواجهة، إلى جانب تصريحات بايدن حول إقامة دولة فلسطينية، تخدم إلى حد كبير الحملة السياسية لرئيس الوزراء في اليمين الإسرائيلي، وهي الحملة التي تسير على قدم وساق. الحرب مستعرة بكامل قوتها، وتتسبب في خسائر فادحة (في صفوف جيش الاحتلال)، لكن نتنياهو لا يسمح لها بالمساس بمهمة بقائه الشخصي”.

ومن بين القضايا التي تضغط واشنطن على تل أبيب باتجاه توفير الحلول لها، قضية الجرائم القومية وبمعنى آخر الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.