ويحكي لنا حجي بن إسماعيل النحاس، الذي لازم مدفع رمضان قُرابة الـ30 عاماً ــ وهو آخر من كُلِّف بإطلاق قذائف مدفع رمضان وكان آخرها قبل أكثر من 20 عاماً قبل أن يتم الاستغناء كلياً عن ذلك الرمز الرمضاني ــ قائلاً: «الإطلاق لا يقتصر على الإفطار، بل نطلق قبل السحور، وكذلك قبل أذان الفجر للإمساك عن الأكل والشرب، كما نطلق مع بداية رمضان 20 طلقة إيذاناً بدخول الشهر الكريم، ومثلها عند ثبوت رؤية هلال شوال، معلناً عن حلول عيد الفطر، وبعد الخروج من صلاة العيد، كما نطلق أيضاً عند حلول عيد الأضحى المبارك».
وعن موقع المدفع، يقول النحاس: «يجب أن يكون مقابلاً للشمس حتى يمكننا رؤيتها جلياً وقت الغروب، كما تُفضل الأماكن المرتفعة كالموقع المتواجد به الآن أمام بوابة قلعة البلد. ويجب تثبيت المدفع بوتد؛ مخافة أن يندفع للأمام لقوة القذائف المنبعثة التي يصل مدى صوتها لـ40 كيلومتراً، وخصوصاً النوع القديم وهو المتواجد أمامنا الذي يتم حشوه بالبارود والملح داخل أكياس من السبطانة (الفوهة)، ويتم إشعاله بواسطة فتيلة خلفية بقليل من الجمر، ويصل الصوت لمدى أقل في النوع الثاني، ويتم فيه إطلاق قذيفة ورقية جاهزة مليئة بالبارود داخل كفر (عجلة) من الخشب، وأقل منهما النوع الثالث وهو عبارة عن قذيفة من الحديد توضع داخل السبطانة ونقوم فقط بسحب إبرة لينطلق بعدها ما في القذيفة». ويذكر حجي أن هذه المعلومات استقاها من دورة تدريبية من دار التدريب بالرياض.
ومن المواقف التي لا تُنسى، أن الأطفال يتنافسون للحصول على الكفر الناتج من قذائف المدفع للعب به على شكل عجلة بربطها بسلك أو تثبيتها بمسمار على قطعة من الخشب. ومن القصص الجميلة تجمع الأطفال حوله قبل غروب الشمس في ناحية والبنات في الناحية الأخرى، كلٌ يحمل زجاجته المليئة بـالشربيت (الفيمتو)، مردداً القوي منهم عبارة «بُخ وإلا أكسر»، معبراً عن وجوب إعطائه شيئاً من هذا المشروب أو يكون الكسر هو مصير من يرفض إعطاءه من زجاجة الشربيت.
ويستذكر حجي أسماء غابت عن عالمنا، كانت هي من تقوم بالإشراف وبإطلاق المدفع في رمضان، منهم: عباس وحمزة ابنا حامد أبو سالم، سالم صالح الوابصي، عودة ساعد الوابصي، أحمد إسماعيل سنيور، لويفي حمود الجوهري، رحمهم الله جميعاً وأدخلهم فسيح الجنان.