وقعت ضحية للصراع الأزلي بين والديها، وأصبحت مجرد آلة في يد زوج والدتها، الذي غير من قدرها وحرمها من طفولتها واستغلها في العمل ليلا ونهارا، من أجل الإنفاق عليه، لكن الحياة أرادت أن تجبر قلبها المجروح ليعود النور إليها مرة أخرى، فقصة كفاح آية يسري، 30 عاما، تستحق الحديث عنها.
لم تنعم «آية» بحياة أسرية هادئة مثل باقي الأطفال، فانفصال والديها كان بداية لدمار مستقبلها على الأصعدة كافة، فعاشت سنوات مع زوج والدتها الذي اضطهدها لمجرد أنها ليست ابنته، ولم تنصفها والدتها بل كانت تصدق على كلامه أو خوفا منه أو لعدم تجربة الانفصال مرة أخرى، حسب حديثها لـ«».
استغلال البراءة
استغل زوج والدة «آية» طفولتها للإنفاق عليه وعلى أبنائه، فغير مسار حياتها إلى منعطف قاتم لا يرى منه النور، فماتت الإنسانية وقتلت البراءة وساد السكوت على الظلم؛ إذ بدأت العمل منذ نعومة أظافرها، فلم تكمل العام العاشر من عمرها ورأت الجانب المظلم للحياة، من خلال بعض المهن التي امتهنتها، فلم يرمق لها جفن: «كنت طفلة مفيش في إيدي حاجة أعملها غير إن أشتغل وأجري في كل مكان عشان أصرف عليهم، كنت بشتغل في محلات هدوم وأدوات منزلية».
وفقت «آية» بين العمل ومذاكرة دروسها، وهو ما لم يعجب زوج والدتها، فيريدها جاهلة لا تعلم شيء لمنع حديثها عن حقوقها، فقمع كل الوسائل التي تهدد ولائها وطاعتها له، وأجبرت على ترك الدراسة بوصولها المرحلة الإعدادية، وفقاً لها: «كان نفسي أتعلم وأتنور عشان يبقى معايا شهادة كبيرة، وأقدر أفتخر بنفسي قدام الناس بس الظروف كانت أقوى مني».
إخفاق أسري مرة أخرى
سنوات من الظلم عاشتها «آية» إلى أن جاء موعد تحريرها بزواجها من أحد الشباب، الذي ظهر على حقيقته وكشف عن الوجه الآخر له بعد إنجاب طفلتين، حسب وصفها: «انفصلت عنه ومبيصرفش على بناته ولا يعرف حاجة عنهم».
آية دليفري
تولت «آية» مسؤولية طفلتيها، وقررت بناء مستقبل أفضل لهما لتعمل ليلا ونهارا، ومنذ عام واحد جاءتها فكرة توصيل الطلبات للمنازل، وكان الأمر مرهق للغاية في بدايته فلم تمتلك أي شيء يساعدها على ذلك، بل تتعب في المواصلات بخلاف التكلفة العالية، مقارنة بما تحصل عليه من الزبائن، لذلك قررت شراء موتوسيكل ومن هنا أصبح عملها أسهل كتير: «بقيت عملية أكتر وأسرع كتير ودا بيعمل فرق عند الزبون».
صعوبات العمل
واجهت «آية» صعوبات في العمل منها الظروف الجوية التي وقفت عائق أمامها خاصة في فصل الشتاء، حيث نزول الأمطار عليها أثناء توصيل الطلبات، بخلاف تعرضها للتنمر من قبل البعض: «أنا عايشة في جمصة وناس كتير بتقعد تقولي دا مش شغل اقعدي في البيت».
روجت «آية» لعملها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، حسب حديثها: «لو رايحة مكان معين بكتب بوست عالفيس بوك، وتمن التوصيلة مش غالي يعني لو التوكتوك هيروح بـ30 جنيه، أنا باخد عشرة جنيه بس وبوفر للناس الباقي».