أمام حجر تجاوز عمره الـ60 عاما، يقف عجوز يبدو على هيئته البساطة وسط دكانه المتواضع القاطن بمنطقة مصر القديمة، محافظا على مهنة توارثها عن أجداده، متذكرًا يوميا كيف تبدل به الحال من اللحظة الأولى التي مسك بها «سكين»، وحتى تمرس بمهنته التي لم تدر له حاليا مالًا وفيرًا يساعده على العيش.
«أبو المكارم»: ورثت مهنتي من أبويا.. والحال مبقاش زي الأول
محمد أبو المكارم، صاحب أقدم ورشة في القاهرة القديمة لسن السكاكين وجميع الآلات الحادة، بدأت قصته مع حرفة سن السكاكين وأدوات الجزارة منذ نعومة أظفاره، حيث ورثها عن والده الذي خشي عليه في البداية من استخدام الآلات الحادة لكن فلذة كبده أراد استكمال مسيرته، قائلا لـ«»: «والدي كان يعمل في سن السكاكين هي كانت بمثابة مصدر الدخل الوحيد لينا».
لم يرث «أبو المكارم» عن والده المهنة فقط، بل ترك له دكانه البسيط الذي افتتح لأول مرة قبل 70 عامًا ومن وقتها لم تطله يد التطوير، موضحًا: «ورثت المكان ده من أبويا واشتغلت على طريقته اللي ورثها برضه من جدي».
معاناة طويلة رافقت بـ«أبو المكارم» منذ الصبا حيث اضطر إلى ترك الدراسة بعد وفاة والده، تذكرها بصوت مبحبوح رغم مرور السنين: «أنا خرجت من الإعدادية ومكملتش تعليم عشان ظروف المعيشة الصعبة وأنا اللي كنت بصرف على البيت وفضلت وشربت مهنة سن السكاكين».
خطورة المهنة
وعن تفاصيل المهنة من وجهة نظر السبعيني: «المهنة خطيرة جدًا واللي مش يفوق وياخد باله الغلطة فيها بفورة، لأن كل حاجة ليها مسكة معينة أثناء السن، والموتور سهل علينا كتير الأول كنا بندور الحجر برجلينا ودي كانت في غاية الصعوبة».
ويعد عيد الأضحى هو الموسم الأنسب لـ«أبو المكارم» حيث وفرة الطلبات، مشيرا: «كل الجزارين والأهالي بيجوا عشان يسنوا آلات الجزارة وكل ما هو متعلق بالذبيح».
ورغم حاجة «أبو المكارم» إلى المال إلا أنه لم يرض يوما أن يسن الآلات الحادة المخالفة وغير المصرح بها رغم مروره بفترة وصفها بأنها: «كنت رايح لسكة اللي بيروح مابيرجعش بشرب كل ما هو يسكر العقل ولكن ربنا هداني وكرمني بفضله وزرت بيت الله الحرام من وقتها وأنا ماشي على الِصرَاط المستقيم».