وسط هطول غزير للأمطار التي أغرقت الشارع بأكمله، يقف «طارق»، في العقد السادس من عمره، مُرتديًا ملابسه الثقيلة التي يأمل أن تحميه من صقيع الهواء وتعينه على عمله، مُتنقلًا بجسده الثقيل بين السيارات مُحاولًا تنظيم اصطفافها على أن يجني في النهاية بعض الجنيهات تُعينه على التكفل برعاية أسرته.
بصوت مهزوز وحروف شبه مُشتتة من شدة البرد، راح طارق عباس، صاحب الـ59 عامًا ويعيش في عزبة أولاد علام بحي الدقي محافظة الجيزة، يروي معاناته والصعوبات التي تواجهه.
يقول «طارق» إنه يعمل في مهنة السايس منذ نحو عام، إذ كان قبلها موظفًا في إحدى الشركات قبل أن يخرج منها بمعاش مُبكر، مُضيفًا أنه لديه 4 أبناء: «عندي أمل 30 سنة أتجوزت وسميرة 26 سنة لسة متجوزتش»، ولديه ابنان آخران وهما «عباس»، 22 سنة، و«محمد»، 16 سنة.
«طارق» يعجز عن الهروب من الأمطار
من حسن حظ «طارق» أنه يعيش في منزل والده بعزبة علام وهو ما هون عليه المصاريف قليلًا، إلا أنه رغم ذلك لم يستطع اليوم أن يهرب من الأمطار الغزيرة ولفحات الهواء التي تصدمه من كل ناحية: «لو قعدت في البيت محدش هيديني حاجة»، مُضيفًا أنه يخرج إلى عمله من الساعة السابعة صباحًا وحتى الثالثة عصرًا.
«طارق»: طول مانت بتأكل بالحلال ربنا هيرزقك
قبل سنوات عدة اقترض الرجل الخمسيني من أحد البنوك 54 ألف جنيه لتجهيز ابنته «أمل»، وعندما عجز عن سداد الأقساط في مواعيدها المُحددة شهريًا قرر البنك أن يحجز على معاشه من الشركة التي عمل بها قبل تقاعده المُبكر، وهو ما حرمه من رفاهية التواني عن عمله مهما كانت الظروف: «الجو صعب بس طول مانت بتأكل بالحلال ربنا هيرزقك».