بعد تعرض محمد الحسين لأزمة مالية، قرر التخلي عن تعليمه ومغادرة بلده السودان والمجيء إلى مصر، ليضيف لمساته على رصيف العتبة ليجعل منه صاحب الـ23 عامًا، حديقة مليئة بالبهجة من كثرة مزهريات الورد، التي تجعلك تصاب بالذهول من شدة الجمال.
لم يتوقع «محمد» أنه بعد التحاقه بالجامعة ستنقلب حياته رأسًا على عقب، وتحديدًا عندما كان يدرس في الفرقة الثانية بكلية إدارة أعمال جامعة شمال السودان، ففي هذا العام تعرضت أسرته لظروف مالية صعبة، لم تنتهي بتخلي «محمد» عن دراسته وأحلامه، بل ترك بلده وجاء إلى مصر هروبًا من كثرة الضغوطات التي كادت أن تحبس أنفاسه داخل صدره.
«محمد» يتقاسم ألم الغربة مع أخيه
جاء «محمد» إلى مصر بصحبة شقيقه، واستقرا في شقة بمنطقة جامعة القاهرة، ليتقاسما ألم غربة وفراق الأحبة معًا، فتهون مرارة الحياة: «أول ما نزلنا القاهرة أنا وشقيقي مكناش عارفين نعمل ايه كنا تايهين، أنا كنت حاسس إني غرقان قعدنا شوية ندور على مكان نقعد فيه، والحمد لله لقينا شقة بإيجار 1200 جنيه».
مزهريات الورد على رصيف العتبة
بالصدفة عرف «محمد» أن هناك مناطق يستطيع شراء «بضاعة» منها بسعر الجُملة مثل سوق البرابرة، وذهب إليه ولفت نظره مزهريات ورد بلاستيكية ذات شكل جمالي، وعرف في ذات اللحظة أن هذا سيكون مشروعه، وقرر البيع في سوق العتبة لازدحامه الشديد بالناس: «في مناطق كتير بالقاهرة بتبيع حاجات رخيصة جدًا، ممكن أي شاب يعمل منها مشروع زي اللي أنا عملته وبأقل حاجة، أنا كنت جاي مش معايا فلوس تقدر تخليني أفتح محل أو كده».
«محمد» يجعل من الرصيف حديقة
وقف «محمد» على أحد أرصفة العتبة، ووضع بضاعته على صناديق خشبية قصيرة، وينادي على مزهريات الورد بأسعار مختلفة حسب الحجم، ويتهافت عليه الناس بسبب أشكال الزهور المبهجة، التي تعطي الإحساس بأنك في حديقة مليئة بال: «في حاجات بـ10 جنيه وفي بـ20 والحاجات الكبيرة خالص بـ30 جنيه، ورغم ذلك لاحظت إن المصريين بيحبوا الفصال أوي».
«محمد» متزوج من امرأة من بلده السودان، يذهب لزيارتها في بلده كل 6 أشهر، ويتمنى أن يجمع مبلغا ماليا يستطيع من خلاله إنشاء مشروع في السودان، حتى ينتهي ألم الغربة.