فن «الكف الصعيدي» ليس وليد اللحظة وينحدر من عصور الأجداد، وجدران البر الغربي لمدينة الأقصر ومعبدي الكرنك في الأقصر وإدفو في أسوان كلها شواهد على هذا الفن بنقوش ورسومات لمجموعة من الشباب يصطفون ويدلون بدلوهم بما يعرف بـ«الخانة» أمام «مغني الكف» ثم يرقصون على أنغام موسيقاه، هكذا بدأ «علاء أبو الريش» مطرب الكف الأقصري حديثه عن هذا النوع الغنائي الذي يواجه الاندثار رغم جذوره الممتدة عبر التاريخ، على حد وصفه.
فن يدرك الفكرة والكلمة والموسيقى
ربما يتميز الكف بأنه يقوم على الكلمة أولًا ثم الفكرة وتتبعها الموسيقى لكن تركيز مستمعيه على ما يقال حتى وإن كان بإيقاع غنائي اعتادوا سماعه لذا لا يشعرون بالملل الموسيقى أو عشوائية ورتابة الغناء في فنون أخرى، يؤكد علاء لـ «»: «الموسيقى في فن الكف الصعيدي لها خصوصية ومكانة مهمة، لكن الكلمة هي البداية والنهاية لأنه يرصد المجتمع بهمومه وطبيعة مشاكله وأحداثه وغالبًا ما تكون الخانة وهي التي تساوي كلمة كوبليه متجددة وتواكب الحدث بطريقة راقية لا تستخدم فيها الكلمات العشوائية والضعيفة» على حد وصفه.
لماذا هو فن ارتجالي؟
خرج علاء الشاب الذي احترف الغناء في الكف منذ 21 عامًا من منزله ولا يعلم ما يقول في بعض الأغاني التي سيشدو بها أمام الكفافة في مناسبة أو زفاف يقول إنه يتلقى جملة مكونة من 5 كلمات على سبيل المثال من «الكفافة» هؤلاء الشباب المصطفين أمامه، وبمجرد أن يسمعها يبدأ في الغناء: «ممكن أي كلمة تتحول لأغنية لو قلنا مثال جملة «جريدة »: «على جريدة هنعرض بسرعة بيان فن الكف خبرة وتاريخ وتراث عدى عليه زمان.. مطرب الكف مش غاوي دوشة ومهرجان ده مغنى وملحن كلامه كله قوافي ميزان.. في معابد الأجداد منقوش على الجدران تشهد عليه بلدنا أسوان».
هل اندثر فن الكف الصعيدي؟
يرى مغني الكف الصعيدي أن هذا النوع من الغناء قارب على الاندثار ومع تطور الحياة وسرعتها وظهور أغاني المهرجانات التي أثرت على بعض مطربيه وبحثوا عن الرتم السريع دون النظر إلى ما يقال أصبح هناك دخلاء عليه يجهلون أسسه وقواعده واحترامه للمعاني التي امتدت منذ عقود وبدأ في الانحدار، خاصة مع رحيل بعض المطربين أمثال الفنان ربيع البركة والفنان رشاد عبد العال، مضيفا: «رغم ذلك فإن هناك عددا كبيرا من مطربي الكف الحاليين هدفهم الحفاظ على هذا الفن، ومن ضمنهم الفنان ياسر رشاد الذي أحدث طفرة في فن الكف بأفكاره وطريقته الخاصة».