في أزقة وحواري القاهرة، اعتاد على قضاء يومه بحثا عن رزقه، يسعى خلف جامعي القمامة وتجار «الروبابيكيا»، يشتري منهم أي شيئ، ولو بسيط، على أمل أن ينجح في بيعه للعوام والبسطاء لتوفير نفقات أسرته وأحفاده بعد وفاة والدهم.
«فرشة روبابكيا بسيطة»، تجمع عددًا من الأشياء المهلهلة، لا تساوي أي قيمة في نظر البعض، لكن في نظر «عم عبدالمنعم»، هي كل شيء، بل هي الحياة لأنها باتت مصدر رزقه منذ دلوفه للقاهرة في ريعان الشباب، استطاع من خلال مهنته أن يُزوج أبنائه الثلاث وكذلك ابنتيه، قبل أن يتمكن أيضًا من المساعدة في زواج حفيداته مؤخرًا.
صباح كل يوم في تمام السادسة صباحًا، ينطلق «عبدالمنعم عبدالعزيز»، إلى شوارع المحروسة مستقلا التروسيكل الخاص به، بعد أن يملأ صندوقه ببضاعته من الروبابيكا ليبدأ يوم طويل من العمل ينتهي في الثامنة مساءًا: «بشتغل الشغلانة دي من 50 سنة، وأنا صغير اشتغلت شوية سباك في مرسى مطروح، بس من يوم ما جيت مصر، وأنا شغال في الروبابكيا، وربيت عيالي وجوزتهم من الفرشة دي».
وفاة أحد أبناء «عم عبدالمنعم» كسر ظهره
عم عبدالمنعم من مواليد محافظة سوهاج، سنة 1954، يبلغ من العمر 68 عامًا، عاش مكافحًا من أجل أبنائه ولم يشعر يومًا بمرارة الحزن إلا بعد وفاة أحدهم عام 2011: «عشت طول عمري فارد ضهري، بسعى وبكافح عشان عيالي، راضي وقانع وعمري ما تعبت من شغلنتي، مفيش في يوم ضهري اتكسر، غير يوم ما ابني اتوفي وسابلي عياله عايشين مع والداتهم وببعتلهم اللي ربنا يجود بيه».
«عم عبدالمنعم» يشتري بضاعته من جامعي القمامة
يتحصل بائع الروبابيكيا على بضاعته من جامعي القمامة وبعض تجار الروبابيكيا، ثم يقوم بتنظيفها وعرضها للمارة في الشوراع: «بشتري منهم كل حاجة وأي حاجة، وبعدين بنضفها وبعرضها للناس، واللي بيعجبه حاجة بيشتريها، ممكن بجنيه أو بـ 2 جنيه، بالكتير أوي عشرة جنيه».
بعد الرحلة الطويلة الممتدة لعشرات السنوات، لا يحلم «عم عبدالمنعم»، بشيء سوى أن يديم عليه الله سبحانه وتعالى نعمة الستر: «أنا لبست أحلى لبس وأكلت أحلى أكل، وجوزت عيالي كلهم، هعوز أيه تاني من الدنيا، الحمد لله على كل نعم ربنا».