حالة من الهدوء والصفاء تُسيطر على المكان الذي تُخبِر كل تفصيلة فيه بعراقته ممتزجة بتاريخه الفني، بداية من الجدران القديمة ذات الالهادئة والأبواب الخشبية العتيقة، كثيرًا ما شاهدناها في الأفلام السينمائة والمسلسلات وصولًا إلى الورود والأشجار، موزعةٌ في المكان تُرطِب الأنفاس وتنعِش الأجواء.
العقار رقم 30 بجوار ميدان عابدين بالحي ذاته في محافظة القاهرة، من أشهر منازل الحي وأكثرها عراقةً وفنًا، إذ يعود تاريخه إلى عام 1848، ما جعله يشهد ملوكًا كثيرين ممن حكموا مصر بداية من محمد علي باشا، مرورًا بعباس حلمي الأول وسعيد باشا وصولًا إلى وقتنا الحالي.
تصوير مجموعة من الأفلام السينمائية
بالرغم من العراقة الشديدة التي تميز بها أشهر منازل حي عابدين، إلا أنه حظي بما زاده جمالًا وثقلًا، إذ كان حاضنًا لمجموعة كبيرة من الفنانين ممن أغرقوا تفاصيله بفنهم وذوقهم الرفيع وهم يؤدون مشاهد كثيرة من أعمالهم الفنية بين جدرانه، ومن أشهر الأعمال الفنية التي شهدها: مسلسل «أميرة في عابدين»، وفيلم «غصن الزيتون»، و«بطل من ورق»، و«ليه خلتني أحبك»، و«لا تراجع ولا إستسلام»، و«تيتو»، بحسب ما روى «ممدوح»، أحد سكان البيت القدامى، في حديثه لـ«».
فنانو الزمن الجميل مروا على هذا البيت
الجميع مرَّ من هنا.. مجموعة كبيرة من فناني الزمن الجميل مروا على هذا البيت تاركين خلفهم ذكريات كثيرة لا تزال خالدة في ذاكرة سكانه، من بينهم: «أحمد مظهر، وسعاد حسني، وعبدالمنعم إبراهيم، وعادل إمام، ونبيلة عبيد، بالإضافة إلى مجموعة من فناني الجيل الحالي مثل أحمد مكي ودنيا سمير غانم وأحمد فتحي»: «كنت بشوف عادل إمام ونبيلة عبيد وفنانين تاني كتير أثناء آداء أدوارهم»، بحسب «ممدوح».
من الذكريات الجميلة التي لا تزال عالقة في أذهان سكان المنزل والجيران من حوله، هي رؤيتهم لبعض الحكام والزعماء المصريين، أثناء حضورهم لميدان عابدين، أمثال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر: «الفنانون كانوا بيستعينوا بالشقق بتاعتنا في تصوير بعض المشاهد في الأفلام والمسلسلات»، وفقًا لـ«ممدوح»، الذي أضاف أنهم لم يستعينوا بشقته بسبب ضيق الصالة بها، وأنه وُلد في هذا البيت ويتذكر كل شيء وكأنه حدث بالأمس.