| لقب المعيد يتوج كفاح محفوظ بعد سنوات الحرمان: خد الثانوية في الأربعين

لم تكن هذه المرة هي الأولى التي يسير فيها «محفوظ» داخل الحرم الجامعي ومنه إلى كلية الزراعة بجامعة جنوب الوادي، فكثيرا ما خطت قدماه هذا المكان واعتادت عليه، لكن شعوره هذه المرة كان مختلفا كثيرا، فاليوم يمضي إلى داخل «المدرج» ليس لحضور محاضرة، ولكن ليلقيها هو على طلابه، بعد أن تم تعيينه معيدا بالكلية.

وبينما كان يمضي، واثق الخطي تكسو وجهه ابتسامة عريضة، كان يتذكر رحلة كفاح بدأت منذ سنوات، كان وقتها مجرد عامل خدمات بإحدى الوحدات المحلية، لا حظّ له من التعليم إلا شهادة الإعدادية، لكنه اليوم أصبح معيدا في كلية الزراعة، وما بين «العامل» و«المعيد» قصة نجاح وإصرار.   

محفوظ زوام، يبلغ من العمر 47 عاما، حرمته الظروف من استكمال مسيرته التعليمية في طفولته، لظروف خارجة عن إرادته، ليقرر العودة مرة أخرى للدراسة بعد صدمة أثرت في نفسيته، لتتحول حياته كليا ويتحول من حاصل على الإعدادية إلى معيد بكلية الزراعة بجامعة الوادي الجديد.

صدمة كانت وراء رغبته لاستكمال مسيرته التعلمية

الظروف المعيشية، أجبرت «محفوظ» على الخروج من التعليم في عام 1996، وحينها كان طالبا في المرحلة الثانوية، ليسلك طريق العمل، محاولا البحث عن مهنة تساعده في كسب لقمة عيشه، لينتقل من مهنة لأخرى محاولا البحث عن ذاته.

وبعدما أنهى خدمته العسكرية، التي استمرت لـ3 أعوام، عمل في أحد مكاتب الماليات التابعة للوحدة المحلية لقرية «الموشية»، عن طريق العقود السنوية، فكان يحب عمله ويسعى للاجتهاد فيه، لأنه كان بالنسبة له الذات التي يسعى لتطوير نفسه فيها.

وعندما جاءت لحظة تعيين المؤقتين بالوحدة المحلية، في عام 2007، تلقى محفوظ صدمة، أثرت على حالته النفسية بالسلب، حيث تفاجأ بأن المسمى الوظيفي له في قرار التعين هو «عامل خدمات»، ليقرر العودة للدراسة من جديد «مكنش قدامي حاجة غير إني لازم اتعلم تاني، وبدأت في الثانوية الزراعية».

ولم تتوقف طموحاته عند حصوله على شهادة الثانوية الزراعية، فقرر الالتحاق بالجامعة، بعدما تجاوز الـ40 من عمره، فكانت رغبته الأولى في كلية الزراعة، وفيها ولد طموح جديد له، أكبر من مجرد الحصول على الشهادة الجامعية، «في السنة الأولى جبت امتياز، فقررت إني هتعب أكثر عشان أجيب تقدير كويس».

صعوبات عديدة، واجهها محفوظ خلال مسيرته التعليمة بالجامعة، فلم يستطع الحصول على إجازات لحاجته للراتب لتلبية احتياجات أسرته، «كنت بطبق في شغلي باليومين عشان أقدر أروح أحضر محاضراتي»، مشيرا إلى أنه كان يحرص على مذاكرة محاضراته في أطول وقت ممكن، فالكتب كانت في يده في كل وقت في المواصلات وفي بجانبه في العمل.

سعادة وفرحة عاشها الرجل الأربعيني، حين تبلغ بقرار تعيينه معيدا بالجامعة، فلم يصدق نفسه بأن سنوات التعب تكللت بالنجاح، «مرت قدام عينيا كل السنين اللي تعبت فيها عشان أوصل للمكان ده اللي مكنتش أحلم به، وأول حاجة عملتها سجدت شكر لله».