أحبة رحلوا عنا، تركوا الدنيا ومتاعها قبل سنوات طوال، ولكنهم لم يرحلوا عن أذهاننا ساعة واحدة، مرت السنون وسكن الجرح الغائر في قلوب ذويهم على فراقهم ولم يسكن الشوق لرؤيتهم، يتلهفون لرؤيتهم لحظة واحدة، يتمنى أحدهم لو يجد صورة لهم تتضح بها ملامحهم وتتجلى فيها ابتسامتهم التي غابت قبل أن يصل طوفان التطور التكنولوجي إلى عصرنا الحالي، ولم يبق من أثرهم إلا صورة ورقية التقطت قبل عشرات السنين بهت لونها وترك الزمن بصماته عليها.
تجديد الصور الباهتة للأموات
للحزن وجوه عدة أعظمها الحزن الذي ينتصر على اليأس لصالح الإنسانية، فلم يلبث أن سمع «محمد حافظ»، حكايات الشوق للأحبة الأموات من أصدقائه المقربين، حتى قرر أن يسخر هوايته وفنه لإسعادهم بطريقته، لينتصر للحياة على الموت في تلك المرة.
«بلاقي صحابي وناس أعرفها نفسهم في صورة واضحة لحد من أهلهم المتوفيين من فترة كبيرة ومش ليهم صور قررت أعمل صورهم واضحة وأفرحهم»، يقول محمد في بداية حديثه لـ«».
باستخدام برامج الكمبيوتر الحديثة، يقضي«محمد» ابن محافظة كفر الزيات، ساعات طويلة من يومه في تعديل الصور الفوتوغرافية التالفة لأموات رحلوا قبل سنوات طوال، «دي هواية عندي عشان أفرح الناس اللي أهلهم ماتوا من سنين ومش ليهم صور واضحة»، يفعل ذلك دون تلقي أي مقابل مادي «المهم إنهم بيفرحوا»، بحسب وصفه.
هواية مجانا دون تلقي أي مقابل مادي
تعديل الصور الفوتوغرافية القديمة ليست الهدية الوحيدة التي يقدمها«محمد» الطالب بالفرقة الثالثة بكلية التجارة، لمن فقدوا أباءهم، بل يجمعهم بهم من خلاب برامج التعديل ايضا«ممكن أجمع بين صورة المتوفي وابنه او بنته لو ملهومش صورة مع بعض»، بحسب تعبيره.
مشاعر اللهفة المختلطة بدموع الفرحة تتضح جليا على الجميع لحظة رؤية أباءهم أو أجدادهم بملامح واضحة، يصفها الشاب العشريني بقوله،«فرحتهم دي بتخليني مبسوط وأنا شغال على كل صورة عشان تطلع أحسن حاجة».