في قلب أفغانستان الذي أدمته الحروب، تتعالى الضحكات من داخل مكان يدعى «وردة بين الأحجار»، راسما البسمة على وجوه الأطفال الذين امتلأت قلوبهم وأرواحهم بحطام الحرب وويلاتها التي شاهدوها في أعين ذويهم.
«وردة من بين الأحجار» هو سيرك افتتح في أفغانستان للأطفال، إلا أنه شديد الاختلاف عن المدينة الممتلئة بالأحداث القاسية، فداخل حوائط هذا المكان يستمع الجميع لصوت البهجة المنسي لفترات طويلة، حيث يمرح الصغار ما بين اللعب والقفز خاصة الفتيات اللاتي تتحررن من العادات التي تُلزمهن بأداء الأعمال المنزلية فقط لا غير، أما الفتيان ابتعدوا لوقت قصير عن حمل السلاح، وفقا لما وصفته «بيريت موهلهوسين»، إحدى مؤسسي السيرك.
تفاصيل سيرك «وردة من بين الأحجار»
حميد خليل الله، أحد المدربين بالسيرك، قال خلال حديثه مع «روسيا اليوم الفرنسية»، إن الأنشطة تبدأ داخل جدران السيرك ثم تمتد لتصل إلى المدارس، حيث يقدمون العروض المرحة والمبهجة، بجانب تخصيص عروضا في الأماكن العامة داخل كابول، ويُؤمن رجال الشرطة الأفغان تلك العروض التي تكون مدتها نصف الساعة لا أكثر، حتى لا يتم استهداف السيرك الشاهد على تخفيف معاناة الأشخاص الراغبين في الهروب من ضغوط الحياة حولهم بمتابعة عرض ترفيهي.
تتحدث بيريت موهلهوسين، عن أهمية السيرك: «هناك يحتفي الأطفال بطفولتهم وترسخ بعقولهم قيم سامية نسيها المجتمع الأفغاني منذ زمن بعيد.. فعندما يجتمع الأطفال لبناء الهرم الإنساني هذا يعني أن يثق أحدهم بالآخر في أنه سيحمله ولن يتركه يهوى، ومسألة الثقة تلك نادرة في تلك البلاد».
وتابعت إحدى مؤسسي السيرك في حديثها عن بعض العروض: «السير على الحبل يساعد الأطفال على تحقيق إتزان خارجي يعكس صفاء الذهن الذي يُعزز ثقة الطفل في نفسه وإتزانه».
خايبر صافي، أحد قاطني مخيمات اللاجئين، يقول إنه يستمتع كثيرا بالسيرك، فهو مكانا مميزا لا يشعر فيه بالملل، إذ يمكنه أن يمارس به هواياته بأمان.
وعلى الرغم من حالة الفرحة التي يشعر بها الأطفال بسبب تواجد السيرك، هناك بعض الأهالي الذين لا يسمحون لفتياتهم بالالتحاق بالسيرك، ويرونه بلا فائدة وبلا قيمة، فعلى سبيل المثال توجد فتاة تدعى «فضيلة حيدري»، التحقت بالسيرك لعدة أيام ثم منعها والدها من الذهاب إلى هناك مرة أخرى لأنه يرى أن السيرك للفتيان فقط، وأن عليها الانشغال بالأعمال المنزلية فقط؛ إلا أن معلميها بالسيرك قد تحدثوا إلى والدها وأقنعوه بعودتها للمكان الذي أحبته مرة أخرى.
ويقبل سيرك «وردة بين الأحجار» الأطفال من جميع الأعمار، حتى البالغين الذين يستهويهم السيرك كـ«إدريس»، البالغ من العمر 30 عامًا، القادم من مدينة سيركستان إلى كابول، فقط من أجل المرح والترفيه عن نفسه فضلًا عن المشاركة في تعليم الأطفال.