تزين ورقاته الخضراء الحقول والحدائق، وتداعب رائحته الأنوف، ولا يحلو كوب الشاى دونه، ليشكل النعناع عشقاً للملايين داخل مصر وخارجها، كما يتخذه البعض مصدراً للرزق، بزراعته وتجفيفه وتصديره للخارج.
يحكى عبدالرحمن الديب، القاطن بمركز «سمسطا» بمحافظة بنى سويف، أحد صغار المزارعين، عن علاقته بمحصول النعناع، واستغلال مساحات كبيرة من الأرض لزراعته دوناً عن باقى المحاصيل: «النعناع بيمر برحلة طويلة لتحقيق مكاسب، بتبدأ من الفلاح لحد التاجر اللى بيجفف، من بعده المصدر اللى بيصدر لدول أوروبا والخليج وغيره، إحنا بلدنا مشهورة بالنباتات الطبية والعطرية، وفيه بعثات أجنبية بتيجى عندنا تبع الشركات اللى بتاخد مننا النباتات دى».
خبرته الفائقة فى زراعة محصول النعناع دفعته إلى زراعة 11 فداناً بالكامل بالنعناع، لا يزاحمه محصول آخر، كما حكى «عبدالرحمن»: «المساحة دى زارعها أنا وابن عمى، وكل اللى بنعمله شغل يدوى، أول مرحلة بنجيب عمالة تحصد النعناع، والمرحلة التانية بييجى تجار ياخدوه أخضر بالطن وبعدين يجففوه، وطبعاً نظام التجفيف بيبقى شمسى، لأنه بتاع المكن غالى جداً، فإحنا بناخد مناطق فى الصحرا ونجفف فيها، أما المرحلة التالتة فتتمثل فى التصدير، فيه واحد عندنا فى العيلة فاتح مكتب استيراد وتصدير وبياخد مننا كميات يصدرها».
لا يعتمد المزارع الشاب على تلك المساحة فقط لتحقيق الربح، بل يستأجر غيرها لتوسعة نشاطه، بحسب ما قاله لـ«»: «إحنا بنزرع وبنتاجر، ومش بنعتمد على إنتاج مساحة الأرض بتاعتنا بس، لأن زراعة المحصول مضمونة ومعمّرة، ممكن يقعد من 3 لـ5 سنين فى الأرض، ويفضل يتحصد كل 25 يوم، وزراعته عضوية يعنى خالية من السموم، مش بتترش منشطات أو مبيد فيه سموم».
ويروى «عبدالرحمن» عن متوسط إنتاج الفدان الواحد، أنه يصل إلى 400 كيلو مجففاً جاهزاً للتصدير، أما بالنسبة لتصديره أخضر، فيقول: «فيه شركات فى سمسطا بتصدره أخضر فريش، الفدان بينتج أخضر 5 طن صافى، إحنا عايزين الدولة تشجعنا لأن الإيجار مكلف ومفيش دعم، عايزين يتوفر لنا أراضى فى الجبل، محصول النعناع بالذات فى الجبل بيجيب ضعف إنتاج الأرض السمرا اللى عندنا، بس هناك الإيجار غالى والميَّة وكل حاجة».
لم يقتصر محصول النعناع فقط على التجارة والتصدير، فبحسب عبدالحميد إبراهيم، القاطن بقرية «شبراباص» بمحافظة المنوفية: «مفيش فلاح عنده أرض وما يزرعش نعناع، النعناع ده أساسى عند أى فلاح، الفاكهة بتاعة الأرض، يعنى مش بس بيع وشراء، إحنا فى البيت هنا مش بنستغنى عنه، بيتحط على الشاى ده أساسى، وأبويا متعود من زمان يزرعه ومعودنا على كده عشان الجيران برضه بيحتاجوه، لو حد عدَّى علينا بياخد شوية، ودى حاجة بتولد الود بين الناس، كأنك بتهادى حد بورد، وطبعاً بنستخدمه فى العلاج، لو حد تعبان أو بطنه بتوجعه مفيش أحسن من النعناع».