وول ستريت جورنال: ترامب سيُعيد تفعيل إستراتيجية “أقصى ضغط” ضد إيران

 نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا أعدّه كلٌّ من وارن ستروبل وبينوا فوكون ولارا سيلغمان، قالوا فيه إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يخطّط لزيادة العقوبات بشكل كبير على إيران، وخنق مبيعاتها النفطية، كجزء من إستراتيجية عدوانية لتقويض دعم طهران للوكلاء العنيفين في الشرق الأوسط وبرنامجها النووي، وفقًا لأشخاص مطّلعين على خططه المبكرة.

وقالت الصحيفة إن ترامب اتخذ موقفًا متشددًا من إيران خلال ولايته الأولى، حيث أجهض اتفاقًا بين ست دول مع طهران – يعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة – والذي سعى إلى الحد من تطوير إيران لبرنامجها النووي، كما فرض ما وصف بأنها إستراتيجية “أقصى ضغط”، على أمل أن تتخلى إيران عن طموحاتها في الحصول على سلاح نووي، وتوقف تمويل وتدريب ما تعتبره الولايات المتحدة جماعات إرهابية وتحسّن سجّلها في مجال حقوق الإنسان.

ولكن عندما يتولى منصبه، في 20 كانون الثاني/يناير، من المرجّح أن يتلوّنَ نهج ترامب تجاه إيران بمعرفة أن عملاءها حاولوا اغتياله ومساعديه السابقين في الأمن القومي بعد مغادرتهم مناصبهم، كما قال مسؤولون سابقون في إدارة ترامب. ويُعتقد أن إيران تسعى للانتقام من ضربة بمسيّرة أمريكية في عام 2020 قتلت قاسم سليماني، رئيس العمليات شبه العسكرية السرية الإيرانية.

وقال ميك مولروي، أحد كبار مسؤولي البنتاغون في الشرق الأوسط في ولاية ترامب الأولى: “يميل الناس إلى أخذ هذه الأشياء على محمل شخصي. إذا كان سيتخذ موقفًا متشدّدًا تجاه أي دولة بعينها، أو خصوم رئيسيين محدّدين، فهي إيران”.

وقال الأشخاص المطّلعون على خِطط ترامب، وعلى اتصال بكبار مستشاريه، إن الفريق الجديد سيتحرك بسرعة لمحاولة خنق دخل النفط الإيراني، بما في ذلك ملاحقة الموانئ الأجنبية والتجار الذين يتعاملون مع النفط الإيراني. وهذا من شأنه أن يعيد إنشاء الإستراتيجية التي تبنّاها الرئيس المنتخب في ولايته الأولى، بنتائج مختلطة.

وقال مسؤول سابق في البيت الأبيض: “أعتقد أنك سترى العقوبات تعود، سترى المزيد، دبلوماسيًا وماليًا، يحاولون عزل إيران. أعتقد أن التصور هو أن إيران بالتأكيد في موقف ضعيف الآن، والآن هي فرصة لاستغلال هذا الضعف”.

لم يقدم المسؤولون المطلعون على خطة ترامب تفاصيل حول كيفية زيادة الضغط على إيران على وجه التحديد.

وقالت الصحيفة إن إسرائيل قتلت، في الأشهر الأخيرة، قادة جماعات موالية في غزة ولبنان، وألحقت أضرارًا كبيرة بهيكل قيادة الجماعات، مثل “حزب الله” و”حماس”، كما شنّت ضربات داخل إيران، ردًا على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، والذي ألحق أضرارًا بالغة بقدرات طهران على إنتاج الصواريخ والدفاعات الجوية.

تعهدت إيران بالرد على الهجوم الإسرائيلي في 26 تشرين الأول/أكتوبر، لكن من غير الواضح ما إذا كان فوز ترامب في الانتخابات، هذا الأسبوع، سيغيّر حسابات طهران، أو توقيتها.

وقال بريان هوك، الذي أشرف على سياسة إيران في وزارة الخارجية في فترة ولاية ترامب الأولى، وهو الآن مسؤول في الوزارة عن الانتقال لإدارة ترامب، يوم الخميس، إن الرئيس المنتخب “ليس لديه أي مصلحة” في السعي للإطاحة بحكام إيران.

لكن هوك، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، أشار إلى أن ترامب تعهد “بعزل إيران دبلوماسيًا وإضعافها اقتصاديًا حتى لا تتمكن من تمويل كل العنف” الذي ارتكبته “حماس” و”حزب الله” والحوثيون في اليمن ووكلاء آخرون في العراق وسوريا.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحصل هوك على وظيفة عليا في الأمن القومي في ولاية ترامب الثانية. وخلال الولاية الأولى، دافع عن حملة أقصى ضغط على إيران. ويقول المدافعون إنها قلّلت من الأموال المتاحة لأجهزة الأمن في طهران. لكنها فشلت في وقف عمليات إيران عبر وكلائها، أو عملها النووي.

وارتفعت صادرات النفط الإيرانية، العام الماضي، وسط مفاوضات هادئة لإطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين من قبل النظام، ما دفع الجمهوريين إلى اتهام الإدارة بعدم فرض عقوبات النفط الحالية بشكل كامل، وهو ما نفاه البيت الأبيض.

وكان ترامب قد أعاد فرض حظر كامل على صادرات النفط الخام الإيرانية، في عام 2019، وانخفضت شحناتها إلى 250 ألف برميل يوميًا، بحلول أوائل عام 2020، وهو أقل بكثير من مستواها قبل عامين. ولكن بعد تولي بايدن منصبه، وصلت إلى أعلى مستوى لها في ست سنوات، في أيلول/سبتمبر من هذا العام.

بمجرد عودته إلى البيت الأبيض، قد يواجه ترامب نفس المعضلة التي واجهها بايدن في الحدّ من مبيعات النفط من قبل إيران وغيرها من الخصوم، مثل فنزويلا، خطر ارتفاع أسعار النفط وإشعال التضخم.

قال روبرت ماكنالي، مسؤول الطاقة الأمريكي السابق، إن إدارة ترامب قد تفرض حظرًا أمريكيًا على الموانئ الصينية التي تتلقّى النفط الإيراني، وكذلك عقوبات تستهدف المسؤولين العراقيين الذين يموّلون الميليشيات المدعومة من إيران. وقال إنه حتى التوقعات بتطبيق صارم لحظر النفط ستكون كافية لخفض ما لا يقل عن 500 ألف برميل يوميًا في الغالب من مشتريات النفط الصينية.

وقال ماكنالي، الذي يرأس الآن شركة الاستشارات “رابيديان إنيرجي غروب”، ومقرها واشنطن العاصمة: “سيكون هذا أقصى ضغط [نسخة] 2.0”.

وقالت حليمة كروفت، كبيرة إستراتيجيي السلع الأساسية في شركة “أر بي سي كابيتال ماركيت” الكندية، إن كبار مستشاري ترامب أعربوا عن دعمهم القوي لضربة إسرائيلية على المنشآت النووية والطاقة الإيرانية. وقال شخص آخر على اتصال بفريق ترامب إن الرئيس الجديد قد يكون أقل ميلًا لمعارضة مثل هذه الخطوة من قبل إسرائيل.

وسعى بايدن، وحصل على تأكيدات إسرائيلية قبل هجومها على إيران في 26 تشرين الأول/أكتوبر، بأنها لن تضرب المواقع النووية، أو البنية التحتية للطاقة، والتي خشيت الولايات المتحدة أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، وتؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في وقت متأخر من يوم الأربعاء، إن نتيجة الانتخابات الأمريكية لا تهمّ بلاده.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن بزشكيان قوله: “بالنسبة لنا، لا يهمّ على الإطلاق مَن فاز في الانتخابات الأمريكية، لأن بلدنا ونظامنا يعتمدان على قوتنا الداخلية”.

ومع ذلك، ينقسم المسؤولون الإيرانيون حول ما إذا كانت الجمهورية الإسلامية قادرة على مقاومة الضغوط الاقتصادية الإضافية.

 وقال مسؤول نفطي إيراني: “قد يصبح الوضع كارثيًا لصناعة النفط الإيرانية”، وإن الصين تشتري بالفعل الخام الإيراني بخصم، بينما تعاني إيران من نقص الغاز الطبيعي – المستخدم للتدفئة والصناعة – بسبب سنوات من نقص الاستثمار.

لكن دبلوماسيًا إيرانيًا قال إن طهران ستعوّض القيود الأمريكية من خلال تعميق شراكاتها التجارية من خلال منظمة شنغهاي للتعاون التي تركّز على آسيا وغيرها من التحالفات. وقال إنها قد تستجيب أيضًا للضغوط من خلال تكثيف برنامجها النووي أو تهديد منشآت النفط في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من العداء المتبادل، فإن بعض الذين عملوا مع ترامب لا يستبعدون التوصّل، في نهاية المطاف، إلى اتفاق دبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران في ولايته الثانية.

وقال مولروي إن ترامب يحب عقد الصفقات، ولكن فقط “إذا كانت صفقته”.