يديعوت – بقلم: بن – درور يميني “قبل بضعة أيام، نشر الصحافي اللبناني نديم قطيش، مقالاً في الصحيفة العربية المهمة “الشرق الأوسط” دعا فيه للمصالحة والسلام مع إسرائيل، وأشار إلى الضرر الاقتصادي الذي لحق بلبنان بسبب “حزب الله”. قبل أيام من ذلك، كان زميله جان ماري كساب، الذي ظهر في قناة MTV اللبنانية ودعا للسلام مع إسرائيل في ظل المعارضة لموقف “حزب الله” في موضوع مزارع شبعا. قال: إيران هي العدو وليس إسرائيل. أما الكاتب المغربي، سعيد نشيد، فظهر في “سكاي نيوز” العربية، وادعى بأن الإسلامية هي “مرض وخراب روحاني”. هذه قائمة جزئية لتصريحات من الأيام الأخيرة.
فهل يحصل شيء ما في العالم العربي؟ بالتأكيد. هذه ليست تصريحات فحسب. فالتجارة مع مصر والأردن اجتازت في السنة الماضية نمواً ذا مغزى، بعد سنوات من الجمود. ومظاهر التعاون مع دول الخليج باتت أمراً اعتيادياً. وبينما تكتب هذه الأقوال، ثمة موقع في منطقة الخليج وكاليفورنيا مع وفد يضم امرأة أعمال وناشطة سلام مغربية، وصحافية من مواليد سوريا. والرسالة المشتركة هي: “نعم للسلام وللتطبيع… لا للتحريض ولا لـ BDS“. ولا بد أن يأتي تقرير عن تلك اللقاءات المرتقبة في الحرم الجامعي أيضاً، وقد يكون بعضها عاصفاً.
بالمقابل، ثمة محور معاكس؛ فقد روى ناصر أبو بكر، رئيس رابطة الصحافيين الفلسطينيين، في نهاية الأسبوع بأن “القيادة العسكرية الإسرائيلية تأمر الجنود بقتل صحافيين فلسطينيين”. في كل مرة يخيل لنا أن هناك حدوداً لدعاية الأكاذيب، تأتي مسرحية أخرى. كما روى أبو بكر عن شكوى رفعها ضد إسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، وهي شكوى أخرى في مسلسل الشكاوى. المشكلة هي أنه حتى لو لم يخرج أي شيء من هذه الشكوى، فإنها تحظى بتعاون اتحاد الصحافيين الدوليين.
ليس في السياق الإسرائيلي فقط، فالعالم العربي يعمل الآن في محورين: محور واحد، الفلسطينيون ومؤيدو إيران والجهاد، في تحالف يشجع خطاب الكراهية والأكاذيب. ومن جهة أخرى المزيد من الأصوات المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل. من يعتقد أن هذه أصوات قليلة فهو مخطئ؛ ففي أوساط الرأي العام العربي مثلما تبين من استطلاع لمعهد “زغبي”، بين الدول التي استطلعت، من الخليج وحتى السعودية ومصر والأردن، هناك أغلبية الآن تؤيد التطبيع مع إسرائيل حتى بدون السلام مع الفلسطينيين. أما في لبنان وفي أوساط الفلسطينيين فثمة أغلبية تعارض التطبيع.
المأساة أن أغلبية ساحقة من أوساط “القوى التقدمية” في الغرب، وقسم مهم من أوساط النخب الأكاديمية ورجال الإعلام يختارون محور الكراهية، فهم لا يشجعون الفلسطينيين على التقدم نحو الحل الوسط والسلام، بل العكس. هذا التحالف، الذي يتضمن “منظمات الحقوق” يمنح تبريراً لحماس وللعنف، ويصف إسرائيل كمن ترتكب جرائم ضد الإنسانية. هكذا أيضاً دول أوروبا والاتحاد الأوروبي، التي تضخ مالاً طائلاً لعدد لا يحصى من الجمعيات التي تقود محور الكراهية والرفض لمجرد وجود إسرائيل.
في إسرائيل أيضاً، سواء في الأكاديميا، والثقافة، والصحافة، ونشاط واسع للجمعيات هناك تمثيل للتحالف الظلامي. كثر هناك يؤمنون بأنهم يعنون بنقد شرعي. يخيل لهم بأنهم يعملون “ضد الاحتلال” و/أو ضد مظالم الاحتلال. هذا تضليل ذاتي. هم الأغبياء الذين يستغلهم تحالف الكراهية. من يتراكض من حرم جامعي إلى آخر كي يعرض جنود إسرائيل كمجرمين، فإنه لا يدفع السلام إلى الأمام، بل يعزز اللاسامية والرفض الفلسطيني. وعندما ينمو معسكر يؤيد السلام مع إسرائيل في العالم العربي، فغريب وعجيب قليلاً أن يكون هناك من يفضل محور الكراهية. هذه فرصة لحساب النفس في أوساط أولئك الذين يؤيدون السلام وحقوق الإنسان ولكنهم يخدمون هدفاً معاكساً. فهل يملكون الشجاعة لعمل ذلك؟