يناقش الفلسطينيون “الردّ المناسب” على زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي الجديد إيتمار بن غفير إلى باحات المسجد الأقصى التي قوبلت بإدانات واسعة لما ينظر اليه على أنه “تجاوز لخط أحمر”.
وسرت مخاوف من أن تؤدي زيارة اليميني المتشدد بن غفير إلى اندلاع حرب جديدة، إذ إن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة كانت حذّرت في وقت سابق من أن مثل هذه الخطوة ستكون “تجاوزا للخطوط الحمراء” وستؤدي إلى “انفجار في المنطقة”.
واعتبر الناطق باسم حماس حازم قاسم أن الزيارة “جريمة، واستمرار لعدوان الاحتلال الصهيوني على مقدّساتنا”.
وتوعّد في بيان بأن الشعب الفلسطيني “سيواصل دفاعه عن مقدساته ومسجده الأقصى”.
ويقع المسجد الأقصى، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في الجزء الشرقي من مدينة القدس التي ضمتها إسرائيل. ويعتبر اليهود باحة المسجد التي يطلقون عليها اسم “جبل الهيكل” أقدس موقع في ديانتهم.
وعقدت حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى اجتماعات طارئة لمناقشة “الرد المناسب” على زيارة بن غفير، بحسب مسؤول في إحدى الفصائل.
خلال الليل الماضي، أطلق صاروخ واحد من غزة سقط داخل الأراضي الفلسطينية المحاذية لحدود وسط القطاع مع إسرائيل.
وقال مصدر في الغرفة المشتركة التي تضم الأجنحة العسكرية للفصائل لوكالة فرانس برس “الغرفة المشتركة في حال انعقاد دائم للتشاور حول رد المقاومة”، دون تفاصيل أكثر.
ويبدو أن حماس اختارت عدم “الردود العاطفية”، بحسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر جمال الفاضي.
ويضيف لفرانس برس أن حماس “لا تريد تصعيدًا عسكريًا جديدًا وهي تتابع حالياً ردود الفعل الدولية والأميركية والعربية”.
وزار بن غفير الذي يعيش في مستوطة في الضفة الغربية الأقصى مرات عدة منذ دخل البرلمان في نيسان/أبريل 2021. وهو يطالب بإدخال تغييرات على إدارة الموقع للسماح لليهود بالصلاة فيه. كما يدافع عن ضمّ إسرائيل الضفة الغربية حيث يعيش ما يقرب من 2,9 مليون فلسطيني و475 ألف إسرائيلي في مستوطنات يعتبرها القانون الدولي غير قانونية.
ودانت الدول العربية الزيارة، بينما دعت الأمم المتحدة الى ضبط النفس والحفاظ على وضع المسجد الأقصى الحالي حيث يحظر القانون على اليهود الصلاة.
ويقول محللون إن تحرّك بن غفير يشكّل أول اختبار للحكومة الجديدة التي يترأسها بنيامين نتنياهو.
ومن الدول التي دانت الزيارة، البحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة التي أقامت مؤخرا علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن بلاده “قلقة للغاية” بعد خطوة بن غفير التي اعتبر أنها “قد تؤدي إلى تفاقم التوترات وإثارة العنف”.
وتذكّر خطوة بن غفير بزيارة في عام 2000 قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون، واندلعت على إثرها الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي استمرت حتى عام 2005.
– “استفزاز كبير” –
ويرى الفاضي أن حماس قد تكون أبدت ضبط النفس في البداية لأنها “لا تريد مزيدا من الصعوبات للمواطنين وتبحث عن التخفيف عنهم” في القطاع الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا مشددا منذ 2007.
ويقيم في القطاع، وهو شريط ساحلي ضيق، أكثر من 2.3 مليون شخص نحو ثلثيهم لاجئون معظمهم فقراء.
بعد جهود قادتها الأمم المتحدة ومصر وقطر، أصدرت إسرائيل خلال العام الأخير بضعة آلاف من تصاريح العمل لسكان قطاع غزة، بدت كأنها عنصر ساهم في التهدئة بينها وبين حركة حماس.
رغم ذلك، يشدّد الأكاديمي الفاضي على أن “تكرار بن غفير اقتحام المسجد الأقصى سيشكل استفزازا كبيرا للفلسطينيين وللأمة الإسلامية والعربية”. ويتابع أن ذلك “سيخلق مزيدا من التوتر في الساحة الفلسطينية نحو التصعيد وستكون ردود عسكرية لحماس والمقاومة”.
وحذّرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية اليسارية من أن اللحظة الحاسمة والحساسة ستكون يوم الجمعة عندما يؤدي آلاف المسلمين صلاة الظهر في باحات المسجد الأقصى.
في أيار/مايو 2021، اندلعت حرب دامية استمرت 11 يوما بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بعد مواجهات عنيفة بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحات الاقصى وأماكن أخرى في القدس الشرقية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه سيثير قضية زيارة بن غفير للأقصى في الأمم المتحدة.
وتجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة عباس الخميس القادم في رام الله “لمناقشة التصعيد الاحتلالي واقتحام بن غفير للمسجد الأقصى”، بحسب أمين سر اللجنة حسين الشيخ.
وتقول المحللة السياسية نور عودة “لم تعد هناك أوراق للعب” بيد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بل هي تعتمد على ردود فعل الدول العربية.
وتضيف عودة أن المسؤولين في منظمة التحرير “يدركون أنه كلما طال هذا الوضع، كلما كانت صورتهم سلبية”.
وتقول لفرانس برس إن بن غفير “يخلق وضعا يفاقم بالفعل الوضع المتوتر جدا على الأرض”.
وقتل في العام الماضي أكثر من 230 فلسطينيا و 26 إسرائيليا، معظمهم في الضفة الغربية.
وتحذر عودة من انفجار الوضع. وتقول “لا أحد يعرف كيف سيبدو هذا الانفجار، أو متى يحدث”.