تحليلات : الجيش الإسرائيلي منقسم ولن يعود كما كان

تسببت خطة “الإصلاح القضائي” لإضعاف جهاز القضاء بشرخ كبير في المجتمع الإسرائيلي وألحقت ضررا بالاقتصاد، إلا أن تأثيرها الأكبر هو على الجيش الإسرائيلي، خاصة بسبب الطابع العسكري لهذا المجتمع ووصف الجيش أنه “جيش الشعب”.

والاحتجاجات داخل الجيش الإسرائيلي ضد الخطة تتركز حاليا في قوات الاحتياط، ولم تتسرب إلى القوات النظامية حتى الآن. لكن هذه الاحتجاجات طالت وحدات هامة في الجيش، وخاصة سلاح الجو والوحدات الخاصة، وبضمنها وحدات كوماندوز النخبة والاستخبارات العسكرية، وسلاح البرية.

ورغم أن الاحتجاجات داخل قوات الاحتياط، المتمثلة بالتوقف عن التطوع للخدمة العسكرية، ليست واسعة جدا حاليا، لكنها اتسعت في أعقاب المصادقة بالقراءة الأولى على قانون إلغاء ذريعة عدم المعقولية، الأسبوع الماضي، واتسعت أكثر في أعقاب مصادقة لجنة القانون والدستور في الكنيست على الصيغة النهائية لهذا القانون، تمهيدا للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، الأسبوع المقبل، حيث يتوقع أن تتسع الاحتجاجات في قوات الاحتياط بشكل كبير.

ونقل المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، اليوم الجمعة، عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، قوله في محادثات مغلقة، حول تقدم التشريعات القضائية والاحتجاجات المعارضة لها، إن “الخطاب العام خطير. ويؤدي لانقسام الجيش”. وأشار ليمور إلى أن التركيز الأساسي في الجيش ويكاد يكون الحصري هو على تبعات التشريعات القضائية على الجيش.

وحسب ليمور، فإن عدد عناصر الاحتياط الذين أعلنوا عن وقف خدمتهم العسكرية، حتى أمس، لم يتجاوز الكمية الخطيرة، لكن هذا العدد يتزايد باستمرار، وينضم العشرات يوميا إلى رافضي الخدمة. ويبرز هذا الأمر في سلاح الجو بالأساس وبشكل أقل في وحدات أخرى.

وأفاد ليمور بأن التقديرات في الجيش هي أنه إذا لم يطرأ تغيير واستمرت التشريعات، فإن إعلانات رفض الخدمة في الاحتياط ستتسارع، في نهاية الأسبوع الحالي وبداية الأسبوع المقبل، حيث يتوقع أن يعلن مئات عناصر الاحتياط عن رفض الخدمة العسكرية، “وقد يعلن ضباط في الخدمة الدائمة في بعض الوحدات عن قرارهم بالتسرح من الجيش أو عدم تمديد العقود مع الجيش. ومن شأن ذلك أن يستهدف قدرات الجيش عموما وسلاح الجو خصوصا”.

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، أنه الضرر الحاصل في الجيش بالغ، وأنه حتى لو تم وقف التشريعات، فإن “الجيش الإسرائيلي لن يعود إلى ما كان عليه. والأزمة السياسية والاجتماعية حولت الجيش مثلما عهدناه إلى جهاز متخاصم”.

وأشار يهوشواع إلى أن “الوضع صعب في شعبة الاستخبارات والوحدات الميدانية وليس في سلاح الجو فقط. وليس المقصود الضباط برتب متدنية في وحدات غولاني والمظليين، وإنما في أوساط الضباط في الخدمة الدائمة في هذه الوحدات وغيرها. فالخطاب السياسي بصورته الأكثر تسميما انتشر في كل مكان”.

وترفض الحكومة، بدءا من رئيسها بنيامين نتنياهو والغالبية العظمى من أعضاء الائتلاف، احتجاج قوات الاحتياط ضد الخطة القضائية، ولا تظهر أي بادرة للتراجع أو استئناف الحوار مع المعارضة حول الخطة. ويوجه الائتلاف انتقادات شديدة لعناصر الاحتياط.

وأمس، نشر الوزير ميكي زوهار، من حزب الليكود، مقطع فيديو غير حقيقي في حسابه في تويتر، يظهر فيه جنود من سلاح البرية الإسرائيلي في لبنان يطلبون مساعدة جوية أثناء القتال، فيما رد عليهم الطيارون بسؤالهم إذا كانوا “مؤيدين للانقلاب” على القضاء ويرفضون تقديم المساعدة لهم، وربما يقصفونهم أيضا.

وأثار مقطع الفيديو غضبا واسعا داخل الجيش، خاصة أن المئات من مؤيدي اليمين أبدوا إعجابهم به، وأعاد وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، نشره في حسابه في تويتر. وتدد وزير الأمن، يوآف غالانت، بمقطع الفيديو بشدة، وكذلك فعل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري.

وأشار يهوشواع إلى أن هليفي يشعر بالوحدة لأنه لا يتمكن من التشاور مع غالبية أسلافه في المنصب، وبينهم إيهود باراك وموشيه يعالون ودان حالوتس الذين يشاركون بشكل نشط في الاحتجاجات ضد الخطة القضائية.

بدوره، استبعد المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن يستجيب هليفي ورئيس الشاباك، رونين بار، لدعوة رئيس الشاباك السابق، ناداف أرغمان، بأن يذهبا إلى نتنياهو ومطالبته بوقف التشريعات.

وأضاف أن “هذا ليس متوقعا قريبا. ولا ينظر هليفي بهذا الشكل إلى دوره في الأزمة. وهو سيحذر وضرب على الطاولة، لكنه لن يقلبها. وإذا استقال، ثمة احتمال كبير ألا تتراجع الحكومة وأن تعيّن مكانه ضابطا ملائما أقل بكثير لقيادة الجيش الإسرائيلي في ظل التحديات المستحيلة لهذه الفترة”.