كشف الكاتب والمحلل السياسي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، عدلي صادق، تفاصيل جديدة عن لقاء قائد تيار الإصلاح بحركة فتح النائب محمد دحلان والقيادي سمير المشهراوي، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو يوم أمس الثلاثاء.
وقال صادق، في لقاءٍ له مع برنامج “همزة وصل” عبر قناة الكوفية الفضائية: “إنَّ لقاء قيادة تيار الإصلاح مع لافروف، ركَّز على ضرورة بناء شراكة وطنية فلسطينية، على أرضية الوقائع الراهنة”.
وأضاف: “تلقى دحلان دعوة رسمية من روسيا لزيارة أراضيها، وكان سؤال الوزير لافروف الأول: هل أنتم معنيون بالمصالحة الفتحاوية؟”، مُردفاً: “جاء رد النائب محمد دحلان سريعاً ومشروحاً بقبول المصالحة الفتحاوية بدون أيّ شروط”.
وتابع: “قال دحلان للروس مُستعدون للمصالحة وليس لدينا مطالب ولا شروط تتجاوز أمنيات جميع الوطنيين، والمهم أنّ نتعامل جميعاً كفتحاويين مع الأمر الواقع، فحركتا حماس والجهاد، معهما نحو نصف الشعب الفلسطيني أو أكثر، وحركة فتح ما تزال تقول إنها الطليعة والرائدة المفترضة، وهذا صحيح بالمعيار التاريخي، لكنها اليوم طليعة معطلة”.
وأردف: “كما قال دحلان للروس إنّ وحدة حركة فتح وإعادة الإعتبار والحيوية لها، وإنهاء مرحلة الإحباط، يُضفي المصداقية على تمسك الحركة بفكرة أنّها الطليعة، وإنَّ الشراكة الفعالة التي نتوخاها، هي تلك التي تقوم على القواسم المشتركة، وكذلك على أساس سياسي مقبول يمكن طرحه والذود عنه، لكي لا تضيع القضية الوطنية، ويزداد الشعب الفلسطيني بؤساً وقنوتاً.
واستدرك: “النائب دحلان قال للروس إنّ لم نفعل ذلك، ولم تتغير أحوالنا، لن نستطيع الحديث مع العالم، ولن نُغير شيئاً، ولن نُواجه الغطرسة الإسرائيلية”.
وبيّن أنَّ النائب دحلان قال في الاجتماع الأول مع لافروف: “لقد بلغت سن الستين، ولا أريد شيئاً من السلطة لكنني أريد لشعبي أن يمتلك أداته السياسية وأنّ يُرمم كيانه الوطني، ناهيك عن كون السلطة اليوم، وبكل أسف، ليس فيها ما يُغري للسعي الشخصي إليه”.
وأوضح أن روسيا وجّهت دعوة للنائب دحلان لكي تستمع لوجهة نظره بشأن الأوضاع الفلسطينية الراهنة، ولسماع أفكار بخصوص الخروج من مأزق حركة فتح بالإضافة إلى ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية.
وأشار إلى أنّ الوفد الفلسطيني استمع من الروس لضرورة توحيد الفلسطينيين صفوفهم، ليتمكنوا من الحديث مع العالم، وأنّه لا يُمكن الدفع بعملية سلام حقيقية تُلبي طموحات الفلسطينيين دون تحقيق الوحدة.
وأكمل صادق: “أكّد وفد التيار على أنّه كان وما يزال حريصاً على إنجاز الوحدتين الوطنية والفتحاوية، وأنّه يتفق مع وجهة النظر الروسية التي ترى من الضرورة توحيد الصف الفلسطيني، ولا ضمانة لنجاح ذلك، دون أنّ تستعيد فتح حيويتها ووحدتها، لكي تستطيع مع الشركاء، إنجاز الوحدة الوطنية، ومن ثم الحديث مع العالم.
واستطرد: “كان محمد دحلان حريصاً على إبلاغ الجانب الروسي، أنّ أعز الأمنيات اليوم، هي تحقيق الوحدة، ويُسعده أنّ يجلس جانباً وأنّ يُحقق الطيف السياسي الفلسطيني وحدته على أسس ديموقراطية”.
وقال صادق: “إنَّ دحلان أكّد للروس أنّه لا فائدة من المناكفة، لأنّها لن تصل إلى نتيجة مهما امتد زمنها، والمهم الآن هو الذهاب إلى جمع الشمل الفلسطيني، والاتنخابات، والشراكة السياسية، التي تضبضها الوثيقة الدستورية والمؤسسات، وأنّه من الضرورة في هذه الظروف الصعبة، عدم تجاهل الوقائع على الأرض، والانطلاق من قاعدة موقف سياسي عملي، دون التنازل عن مرجعيات عملية التسوية التي تُحاول إسرائيل تجاهلها”.
واستكمل: “في مضامين اللقاء كان واضحاً أنّ الروس معنيون بسماع الرأي الآخر في حركة فتح، على اعتبار أنَّ التيار الإصلاحي في هذه الحركة، هو الطيف الوحيد منها، الذي يُجاهر بالنقد ويُلح في طلب الإصلاح، ويتوخى وحدة الحركة على أساس النظام، ووحدة الكيان السياسي على الأسس الدستورية والقانوينة، استناداً إلى وحدة العمل الأهلي الضامن للعدالة والانحياز للفقراء، تأصيلاً للبعد الاجتماعي السياسي، وإلى وحدة العمل الوطني على أساس فلسطين، الوطن والقضية!”.
ونوّه صادق، إلى أنّ دعوة الروس لها دلالاتها لأنّ موسكو معنية بالتسوية، ولعل أول هذه الدلالات هي أنها بمثابة جرس تحذير أو تنبيه، بأنّ الوضع الفلسطيني قد أوغل في التردي، وأنّ الصمت عليه لم يعد جائزاً، لا سيما من الدول الصديقة الوازنة، التي تدفع في اتجاه دورٍ فاعل لها، في المشهد الإقليمي.