يديعوت – بقلم: متان تسوري “صافرة الإنذار التي أطلقت ظهر أمس في سدروت، في أيام الإجازة الكبرى، بعد ثلاثة أشهر فقط من انتهاء حملة “حارس الأسوار”، طرحت السؤال المغسول في أوساط السكان في غلاف غزة مرة أخرى: حسناً، لماذا يطلقون النار الآن؟
في كل مرة تطلق فيها منظمات الإرهاب النار، يبحث المواطنون والزعماء عن تفسير معلل للنار، ذريعة ما تريح عقلهم. هذا الانشغال بمسألة سبب النار هو بحد ذاته خطأ عميق في الفكر: فقد أطلقت النار أمس، وفقاً للتقديرات، كـ “رد” على أحداث النار في جنين أو بسبب عقدة تحويل المال القطري. حتى الآن، هناك تفسير مفهوم للنار. من هنا فصاعداً – لماذا يشغلنا هذا الأمر؟ فأحداث كهذه كانت على أي حال ستقع مرة كل بضع سنوات، ولكن الوضع مختلف تماماً: نار الصواريخ أمر معتاد، ولا معنى للانشغال بسؤال لماذا؟ ثم نتوقع جواباً منطقياً. على إسرائيل ألا تقبل هذه النار. نقطة.
كل نار تطلق نحو الغلاف هي ظاهراً فشل لفترة سابقة، نتيجة لغياب سياسة وتردد عسكري. عندما انتهت “حارس الأسوار” تباهى الزعماء بالضربة القاضية التي وجهت لحماس، ظاهراً. وتبين لاحقاً أن المعطيات التي عرضت عن تصفية مخربين في أنفاق الموت، هي أقل بكثير مما اعتقدوا من قبل. والنار التي جرت أمس وفرت دليلاً آخر: مفعول الردع كمفعول كرتونة الحليب في الثلاجة. حتى لو لم تكن حماس هي التي أطلقت النار هذه المرة، فقد سمحت بها بطريقتها حين غضت النظر. تعنى إسرائيل بمسألة المال القطري، وفي كيفية إدخاله إلى القطاع دون أن يمر عبر أيادي حماس. من السذاجة التفكير بأن هذا ممكن حين تكون حماس هي صاحبة السيادة. وحتى وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق [الضفة الغربية]، ترى أن إدخال عمال من غزة، فلنقل 2000 حتى 5000 في اليوم، يجدي الاقتصاد في غزة أكثر بعدة أضعاف من المال القطري.
تعنى إسرائيل بالمال القطري وكأنه الحل لاستقرار غزة وترفع عنها المسؤولية في العمق بالمسألة التي هي أكثر تعقيداً، ولكنها ممكنة بالتأكيد: كيف تحسن الحياة في غزة دراماتيكياً، إلى جانب تفعيل قوة عسكرية بحيث تمس بقادة حماس أيضاً، وفتح معبر “إيرز” لخروج العمال، وتنفيذ خطط التعاون الاقتصادي مع السلطات في الغلاف ولكن دون توقف ولو للحظة عن المس بمنفذي الإرهاب.
إن تحسين الاقتصاد في غزة هو وصفة الاستقرار. ويعرف هذا رئيس الوزراء بينيت ووزير الدفاع غانتس. كما أن قائد المنطقة الجنوبية إليعيزر طوليدانو يؤيد هذا الطريق. أما ملاحقة القروش القطرية فهو هروب من المسؤولية. غزة بحاجة إلى علاج جذري عميق، وليس كل شيء في أيدينا. ولكن في أيدينا بالفعل أن نربط دولاً معنية بذلك. أخذنا على عاتقنا بأن حماس هي الحاكم في القطاع. ولكن من قال إنها ستبقى هناك إلى الأبد؟ يمكن أن يحصل هناك انقلاب في كل لحظة لأسباب لا نفكر بها. لقد حصل هذا في العام 2007 حين سيطرت حماس على القطاع دون أن يقدر أحد في إسرائيل بأن هذا ممكن.