نشرت صحيفة “إسرائيل اليوم” الإسرائيلية، تقريرا قالت فيه، إن السيناريو المتشائم الذي يصفه دبلوماسيون إسرائيليون بشأن افتتاح قنصلية أمريكية شرقي القدس، يمكن أن يتجسد في الأسابيع المقبلة بعد موافقة الكنيست على الموازنة.
وأضافت: مبنى القنصلية في شرق القدس، كان خاضعا لرعاية وزارة الخارجية الأمريكية وليس للسفارة الأمريكية في تل أبيب، وعمل لسنوات عديدة كمكتب تمثيل أمريكي في القدس المحتلة والضفة الغربية وغزة، ومن المرجح أن يتم الفصل بين عمليات السفارة التي نقلها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من تل أبيب إلى القدس، وعمليات القنصلية التي ستتعامل مع الشؤون الفلسطينية.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أنه “بحكم الأمر الواقع، سيعمل كيانان دبلوماسيان أمريكيان منفصلان في القدس، الأول؛ سفارة ستتعامل مع شؤون الاحتلال، والثاني؛ القنصلية التي ستعمل فعليًا كسفارة وستتعامل مع الشؤون الفلسطينية في القدس والضفة وغزة وكذلك المستوطنين في الضفة”.
ووصفت وزارة خارجية الاحتلال الإجراءات الأمريكية المتوقعة، بأنها “مقدمة لتقسيم القدس”، وسيكون تقويضا، إن لم يكن انسحابا كاملا من الإجراءات التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب للاعتراف بـ”القدس عاصمة لإسرائيل”.
ووفقا للصحيفة، فإن الإجراء الثاني الذي يمكن أن يتحقق في المستقبل، هو إعادة فتح مكتب تمثيلية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، في ظل قيام مجموعة من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين التقدميين بالضغط من أجل ذلك.
وذكرت الصحيفة، أن احتمال اتخاذ واشنطن إجراءات أحادية الجانب في شأن القنصلية الأمريكية في القدس من شأنه أن يتسبب بإحراج كبير للمسؤولين الإسرائيليين، على وجه الخصوص، بعد أن فهم الأمريكيون من وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد أن هذه مسألة وقت وليست مسألة جوهرية، لذلك وافق الأمريكيون على تأجيل افتتاح القنصلية إلى ما بعد إقرار موازنة الاحتلال في الكنيست لتمكين حكومة الاحتلال من الاستقرار السياسي.
وقال مقربون من رئيس وزراء الاحتلال للصحيفة، إنه “يعارض فتح قنصلية في القدس في أي وقت، وهو يرى في ذلك خطوة يمكن أن تعيد السياسة الأمريكية القديمة التي تسعى إلى تقسيم القدس وإقامة عاصمة فلسطينية في شرق المدينة لدولة فلسطينية مستقبلية”.
وطالب قانون سفارة القدس الذي أقره الكونغرس في عام 1995 الإدارات المتعاقبة بنقل السفارة الأمريكية، لكن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين أرجأوا ذلك مؤقتًا، وغالبًا ما قامت إدارتا أوباما وبوش وأسلافهما بإزالة التسمية التوضيحية “القدس، إسرائيل” من الصور الرسمية، وبدلاً من ذلك تركوا التسمية التوضيحية “القدس”، بل إن وزارة الخارجية رفضت التسجيل في جوازات سفر الأمريكيين المولودين في القدس بأن مكان ميلادهم هو “القدس، إسرائيل”.
وذكر السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين في حديث له، كيف تم استدعاؤه ذات مرة إلى وزارة الخارجية الأمريكية وتوبيخه لهدم مرحاض خارجي في شرق القدس، على الرغم من أن عملية الهدم تمت بقرار من محاكم الاحتلال.
يروي أورين كيف تحدث عن هذا الأمر مع رؤساء المنظمات اليهودية: “أريتهم موقع القنصلية على الإنترنت، كل شيء فيه كان سردًا فلسطينيًا، باللغتين العربية والإنجليزية فقط، وقلت لهم إن الأمر معاد للسامية ويجب فعل شيء، لكنهم لم يكونوا مستعدين لمواجهة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى حرص القنصلية على تجنب حتى ظهور اعتراف أمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال”.
وترى الصحيفة، أن إدارة بايدن، منذ أيامها الأولى، حاولت إعادة العجلة إلى الوراء، فبعد انتقال بايدن إلى البيت الأبيض، تم تغيير لقب السفير الأمريكي في “إسرائيل” على صفحة تويتر الخاصة بالسفارة من “سفير الولايات المتحدة في إسرائيل” إلى “سفير الولايات المتحدة في إسرائيل والضفة الغربية وغزة”، وأدى الانتقاد العام إلى تحول سريع والعودة إلى العنوان القديم، لكن الاتجاه كان واضحًا للجميع ليراه.
ووصف المدير العام السابق لوزارة خارجية الاحتلال دوري غولد، إعادة فتح القنصلية في القدس بأنها “فاضحة”. ويقول: “لا يمكن لإسرائيل أن تقبل التهديدات لسيادتها في القدس”.
ووفقا لما نشرت “إسرائيل اليوم”، فإن فتح قنصلية أمريكية للفلسطينيين في القدس يمكن أن يلغي خطوة الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للاحتلال، فالتنسيق مع الولايات المتحدة أمر حيوي ومهم، “لكن قصة القنصلية حرجة، ولا مجال للتسوية في هذه القضية”.
ويشير الدبلوماسي الإسرائيلي دوري جولد، إلى أن افتتاح القنصلية لن يقوض السيادة الإسرائيلية في القدس فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى انسحاب خطير من المكانة التي حققتها “إسرائيل” في غرب القدس قبل عام 1967. .
وكشفت الصحيفة، أن الأمريكيين رفضوا فكرة إقامة قنصلية في بلدة أبو ديس، كما أن الحملة ضد افتتاح القنصلية يقودها منذ عدة أشهر رئيس بلدية الاحتلال في السابق عضو الكنيست نير بركات.
واعتبر بركات، أن وجود وفدين دبلوماسيين في مدينة واحدة يعني تقسيم القدس وليس هناك أي معنى آخر. مضيفا: “إنه إصبع في عين إسرائيل، إذا اتخذ الأمريكيون مثل هذا الإجراء من جانب واحد، فلن يكون ذلك مجرد انتهاك لاتفاقية فيينا، ولكن أيضًا رسالة أمريكية مفادها أن الولايات المتحدة غير قادرة على احترام شركائها الأكثر ولاءً، ومن المحتمل أن يكون لها تأثير قوي جدًا على العلاقات مع الأمريكيين”.
وحذر بركات من احتمال حدوث سلسلة من ردود الفعل، وقال: “لا توجد كلمات لوصف حجم الكارثة إذا لم نتحرك لمنع ذلك، بمجرد أن تفتح الولايات المتحدة من جانب واحد قنصلية للفلسطينيين، يمكن للدول الأخرى أن تتخذ إجراءات مماثلة، وعندها نكون قد فقدنا القدرة لوقف مثل هذه العملية في المستقبل”.