هآرتس – بقلم: عاموس هرئيل “في مكان ما بين تل أبيب وهاواي تتراكم الآن حملة جديدة على ظهر نفتالي بينيت. لسوء حظه، وبذنب منه، وقع رئيس الحكومة مباشرة في هذا الشرك. ونأمل بألا يتصاعد هذا الحادث الذي استغلته المعارضة ونال تغطية شعبوية متحمسة في وسائل الإعلام.
بعد ظهيرة يوم السبت، قامت حماس بمظاهرات عنيفة على حدود القطاع بذريعة إحياء الذكرى السنوية لإحراق المسجد الأقصى في العام 1969. هنا حدث خطأ عملياتي صعب في فرقة غزة؛ فقد نشر الجيش الإسرائيلي طواقم القناصة، وبينهم رجال وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، على طول الجدار الذي أقيم في منطقة حاجز كرمي، غرب الجدار المحصن ضد الأنفاق، الذي استكمل بناؤه في السنة الماضية. وقف القناصون خلف الجدار الأمامي وهم يوجهون سلاحهم عبر فتحات لإطلاق النار. وعندما اندفع عشرات المتظاهرين نحو الجدار، لم تطلق عليهم في البداية نار دقيقة، خوفاً من إصابة أولاد بين الجمهور. اقترب فلسطينيون كثر من الجدار نفسه. واستغل أحدهم، الذي تم تشخيصه كناشط في حماس، فتحة إطلاق النار كي يطلق رصاص مسدسه من مسافة صفر، فأصاب القناص برئيل حداريا شموئيلي بإصابة بالغة. ويحاول الأطباء الآن إنقاذ حياته.
إصابة شموئيلي أثارت نقاش قديماً حول تعليمات إطلاق النار للجنود ورجال الشرطة في المناطق [الضفة الغربية]. ولو أعطوا دعماً للقناصة ومكنوهم من إطلاق النار في وقت أبكر، لما اقترب الفلسطينيون من الجدار الأمامي وحدث ما حدث. الطاقم التلفزيوني الذي جاء إلى المستشفى وجد يوسي، والد القناص، الذي غضب من التخلي عن المقاتلين. انضم لأعمال الفوضى في هذه المرحلة مراسلون أوصوا رئيس الحكومة ووزير الدفاع وقادة الجيش الكبار بزيارة المصاب وعائلته.
اتصل بينيت في الليلة نفسها بوالد الجندي وتلقى منه وجبة من التوبيخ، وإن كانت قيلت بلهجة فظة. رئيس الحكومة تعبٌ ومنهك وقلق من أحد المواضيع الساخنة التي تقلقه بحكم وظيفته، زلّ عندما سمى الولد باسم الأب، وأظهر قلة معرفة حول وضعه الصحي. فعني أحدهم بتسجيل المحادثة ونشرها على “فيسبوك”، وهو مغني الراب “الظل”.
واستغل الواقعة لاعب آخر هو رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي هو الآن في إجازة خاصة إلى هاواي. كان نتنياهو، وهكذا تبين، قد تحدث مع والدة شموئيلي نيتسا، وكان على علم بكل التفاصيل. وحسب أقوال الأم، فقد أجهش بالبكاء أثناء المحادثة. كل ذلك كان جديراً بالتقدير، لو لم يهتم مستشارو نتنياهو بنشر دعوته للصلاة من أجل سلامة الجندي، التي استهلت بكلمة واحدة وهي “عار”. فهم القراء بأن القصد هو سلوك بينيت تجاه العائلة، وأعيد نشر المنشور بعد بضع دقائق بدون هذه الافتتاحية. هكذا تلقى بينيت الضرب مرتين: مرة على إظهار الانهزامية أمام العدو، التي كلفته جرح الجندي، ومرة بسبب تعامل منغلق تجاه العائلة.
من الواجب قول الآتي: أولاً، محظور على رئيس الحكومة أن يخطئ باسم الجندي الذي عرض حياته للخطر، وربما يفقدها، من أجل أمن الدولة. وعلى طاقمه الجديد الاهتمام بأن لا تحدث مثل هذه الأخطاء. ثانياً، لا يجب عليه زيارة الجرحى مهما كان وضعهم صعباً، فثمة ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي وفي الشرطة يمكنهم فعل ذلك؛ ومن الأفضل أن يركز بينيت على محاربة كورونا ويستعد لزيارته المهمة في واشنطن. ثالثاً، الحادث الذي جرى على الحدود تكتيكي، انتهى بصورة فظيعة بسبب خطأ في المستوى التنفيذي. فمثل هذا الحادث لا يملي استراتيجية إسرائيل في القطاع، ولا يؤدي إلى رد مدو يجر الطرفين إلى جولة قتال أخرى. إذا أرادت إسرائيل الذهاب إلى عملية في غزة فعليها فعل ذلك بذرائع أمن وذرائع سياسية لا انتقامية.
نتنياهو نفسه، بالمناسبة، لا يتميز طوال سنواته الكثيرة كرئيس حكومة بزيارات للجنود الجرحى، وبالعكس من ذلك للعائلات الثكلى. وأحياناً ضُبط هو وأبناء عائلته بتعامل إشكالي مع عائلات الجنود (الشجار مع والدي النقيب هدار غولدن، والمظاهرات البيبية قرب عائلة الطيار تام فركش في قيسارية). ونذكر تلك المرة التي التقط فيها صورة بدون أحاسيس ظاهرة قرب إعلان عزاء لذكرى الجندي الذي قتل في وقت كان يقدم فيه نصائح لوسائل الإعلام بشأن الظلم الذي أوقعته على زوجته.
عندما كان نتنياهو في الحكم، عزف أيضاً عن عمليات واسعة في القطاع، بدءاً بعدم احتلالها في عملية “الجرف الصامد”، ومروراً بضبط النفس المتعمد (والمحق) عندما حاولت حماس جر إسرائيل إلى معركة حول البالونات الحارقة، وانتهاء بالعملية الأخيرة المحدودة في أواخر فترته، عملية “حارس الأسوار”. وعندها، كان بينيت قد هاجمه على إظهار الضعف أمام الإرهاب، مثلما هاجم نتنياهو وهو في المعارضة رئيس الحكومة اهود أولمرت عند انتهاء عملية “الرصاص المصبوب”.
في هذه الأثناء، تستعد حماس لإجراء مظاهرة جماهيرية أخرى على طول الجدار الأربعاء المقبل. سجل اليوم ارتفاع في عدد البالونات الحارقة التي أطلقت نحو الأراضي الإسرائيلية. ويقدر الجيش بأن قيادة حماس تفضل زيادة الضغط على إسرائيل، وعلى الوسطاء المصريين والقطريين، لأنها غير راضية عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن المساعدة القطرية –20 مليون دولار فقط ستحول بدءاً من الشهر المقبل بدلاً من 30 حتى العملية الأخيرة. تعود حماس للعب بالنار عشية سفر بينيت إلى واشنطن. وإذا تدهورت الأمور غداً على طول الحدود، فقد تنجح في التعتيم على الزيارة، لكن يتوقع حينئذ أن تأخذ إسرائيل منها ثمن ذلك.