05:42 م
الخميس 02 سبتمبر 2021
كتب- محمد مهدي:
عند وصول محمد نوفل إلى محافظة الأقصر وقف قليلا على جانب الطريق رفقة دراجته، علت ابتسامة عريضة وجهه بينما يلتقط أنفاسه بعد رحلة طويلة امتدت لنحو 100 يوم في مختلف المحافظات لتوثيق طبيعة الحياة داخلها “يمكن بعد خمسين سنة تبقى وثيقة مهمة لشكل الحياة في بلدنا” فضلا عن خوض تجربة إنسانية مختلفة “أمشي في الطريق أقابل ناس وأسمع حكاياتهم وأعرف أكتر عن نفسي وعنهم” يذكرها الشاب العشريني في حواره مع .
ويمتلك نوفل مسيرة حافلة في الترحال حيث سبق وأن سافر بدراجته خلف منتخب كرة القدم في بطولة الأمم الإفريقية بالجابون عام 2017، ثم التوجه إلى روسيا لحضور بطولة كأس العالم بـ “العجلة”، ورغم تجاربه العديدة لم يفقد شغفه قط لتأتي الخطوة الجديدة “رحلة مصر في 100 يوم، ألف كل مكان، اتعلم حاجات جديدة واختبر قدرتي على الاستمرار” يدفعه الشوق إلى التواجد في مناطق متنوعة والتعرف على عادات وتقاليد وثقافة كل مكان بمصر.
قبل الإنطلاق بدأ الرحالة الشهير بـ “ابن نوفل” الذي يتابعه نحو 195 ألف شخص على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في تجهيز احتياجات الطريق “الواحد بقى عنده خبرة وأكتر شيء بكون حريص عليه هو صيانة العجلة ويكون معايا قطع غيار ليها وعِدة تصليح عشان لو حصل أي عطل” فضلا عن الخيمة التي لا تفارقه في السفر وبعض المأكولات والمشروبات ومصادر للإضاءة يستخدمها أحيانا في حالة الحاجة إليها.
في يوم 28 مايو الفائت تحرك “ابن نوفل” من قريته بصان الحجر بالشرقية لخوض رحلته ومعه 3 من الأصدقاء “كريم وعاطف ودانيال، وفيه ناس تانية كانوا بيقعدوا معانا أيام بسيطة وميكملوش” تحركوا ناحية “الدلتا ومنها للبحر المتوسط كله ثم مرسى مطروح ومنها لسيوة وباقي الواحات، الداخلة والفرافرة والخارجة والبحرية” عاد من بعدها إلى القاهرة ثم توجه إلى وجه قبلي “مشيت في خط الصعيد كله لحد ما وصلت امبارح للأقصر”.
رحلة شاقة بلا شك لكنها حملت الكثير من المتعة والطرائف والغرائب أيضا “منساش لما كنت مرهق جدا في طريق الواحات، ولقيت سواق تريلا وقفلنا وقرر إنه يقعد معانا ويطبخلنا بنفسه الأكل بتاعه، من المواقف اللي غيرت وجهة نظري في سواقين التريلا” لا ينسى أبدا ما جرى له بمحافظة قنا خلال سيره على الطريق السريع “وقفني واحد بموتوسيكل، ولما عرف أكتر عن رحلتي صمم أروح أرتاح في البيت عندهم كام ساعة، وبعد وصولنا بلده قعدت 3 أيام من حبي للمكان وشدة كرمهم”.
يقضي “ابن نوفل” ورفاقه ساعات النهار في الحركة أو الانتظار على الطريق أو الراحة، وعند حلول الليل هناك قواعد واضحة للأماكن التي يمكن المبيت بداخلها “لو على طريق صحراوي، بقعد في نقاط الإسعاف أو المساجد أو في خيمتي لو المكان مناسب، وفي الطرق العادية ناس كتير بقابلهم بالصدفة وبيعرضوا الاستضافة أو بيكلمني أصدقاء على (فيسبوك) أروح أبات عندهم” يمنحه ذلك قضاء ليالي شديدة الاختلاف “يوم أنام في أرض زراعية بسيطة ويوم تاني أكون في بيت كبير وجواه كل سبل الراحة”.
التواجد على الطريق لـ 100 يوم وضع “ابن نوفل” أمام الكثير من التحديات “الحوادث اللي بتحصلنا، واتعرضنا ليها في أول كام يوم، مشاكل في العجل بتحصل فجأة، الإرهاق والتفكير في الرجوع” لكن سرعان ما يبتعد عن تلك الفكرة “كنت عايز أكمل الرحلة للأخر، دا تحدي كبير وكان نفسي أنجح فيه” خلال المسيرة لم يتمكن باقي الأفراد في الاستمرار “علاقتنا كويسة الحمدلله بس كل واحد كان عنده ظرف خاص، أول مرة طلعت على الطريق لوحدي بعدهم الأمور كانت صعبة بس اتغلبت على الموضوع لأني سافرت كتير لوحدي”.
يبقى “ابن نوفل” طوال الرحلة على تواصل مع أسرته والمقربين “الأول كانوا بيقلقوا بزيادة لكن دلوقتي أصبح فيه ثقة أكبر” نظرا لنجاح تجاربه السابقة “كانت أصعب بالتأكيد وأنا في بلاد بره، الوضع هنا مختلف ومصر أمان” كان حريصا أيضا على التواصل مع متابعيه بصورة مستمرة “سعيد بالتفاعل اللي شوفته من الناس، كل (استوري) كان بيشوفه 10 آلاف واحد وكلامهم بيحمسني” كما التقى بالعديد من عشاق الدراجات “منهم بنت بتركب عجل في الصعيد، والحقيقة إنها مثال عظيم للتحدي والإصرار”.
لتوثيق ساعات السفر الطويلة والمواقف المدهشة التي مر بها “ابن نوفل” كان عليه توفير معدات تصوير جيدة ومناسبة للأمر “اشتريت كل الحاجات الضرورية، حسيت إني بستثمر في نفسي خلال الرحلة، وإني عايز أطلع بفيديوهات عن التجربة تكون مميزة وبتعبر عن روح بلدنا وجمالها” ينوي الشاب العشريني عرضها قريبا على صفحاته الخاصة بمنصات التواصل الاجتماعي، خاصة مع اهتمامه بإبراز تفاصيل غير تقليدية عن أماكن بديعة مثل سيوة والداخلة والصعيد وغيرها “وحلمي إني أسافر أماكن أكتر وأشوف ثقافات أكتر حولين العالم”.