لطالما عرف الكيان الإسرائيلي بهمجيته واتباع منهجية العدوان الذي يعتمد على نظرية أقتل أولاً ثم فكر، هذه النظرية التي تعتبر بصمة العبور لكل حرب واعتداء يدخلها ضد الدول والشعوب المقاومة ولعل تاريخه الحافل بالإجرام ومجازره المقيتة بحق اهلنا في فلسطين ولبنان وسورية خير دليل على عقيدته الاحتلالية في حق الشعوب .
وبما أننا نحيي ذكرى مضي عام على معركة طوفان الأقصى ، هذه الملحمة البطولية التي سطرت عناوين جديدة في تاريخ الصراع مع الكيان الإسرائيلي والتي كانت غنية جدا باستراتيجيات جديدة للحروب الحديثة ، أهمها تثبت فكرة القوة في الحق لأصحاب الأرض التي انتصرت على أقوى أنواع الأسلحة وأكثرها تطوراً لتكون هذه الفكرة أحد أهم الاستراتيجيات التي شكلت صمام أمان العقول المقاومة التي انتقلت للعمل المادي من خلال امتلاك القوة المادية المتمثلة بالسلاح البسيط بمكوناته والقوي من حيث التأثير ، كما ان طوفان الاقصى الذي يستحق أن نطلق عليه ملاحم الاقصى لناحية الصمود لأهلنا في غزة كما في كل المناطق الفلسطينية المستهدفة اسرائيليا فكانوا خير من يدافع عن قضيته والاكثر جهوزية لتقبل دفع الأثمان الباهظة لتبقى هذه الأيادي المباركة قابضة على السلاح ومتواجدة في الميدان على الرغم من كل ممارسات الارهاب الاسرائيلي وجرائم الحرب الذي مارسه ضد هذه المقاومة وحاضنتها الشعبية الا انه فشل في اخضاع غزة واهلها .
استطاعت معركة طوفان الاقصى بكل ما حملته من مشهدية حملت في اهم عناوينها مقارعة الكيان الاسرائيلي على مستوى المقاومات فكانت وحدة الساحات ودخول المقاومة الاسلامية اللبنانية والمقاومة اليمنية والعراقية لتحمل دماء أبناء فلسطين والدفاع عنهم وعن حقهم المقدس بتحرير الارض الفلسطينية عنوانا خارطة طريق خطت بدماء سيد الشهداء سماحة السيد حسن نصر الله شهيدا على طريق القدس كما بقية الشهداء طيلة هذا العام .
هذا الصمود وهذه القوة والثبات لم ترق للكيان وقادته فكانت الحرب على لبنان وعلى اليمن وعلى العراق وعلى سورية على نحو متصاعد وهذا ان دل على شيء فهو يدل على حجم الازمة التي يمر بها جراء ضربات المقاومة التي ارغمت المستوطنين في الشمال على النزوح لمدة عام كامل ومنعهم من العودة حتى ايقاف العدوان على غزة .
لينتقل الاسرائيلي بعدوانه وانتقامه لصاحب الوعد الصادق وبيئته وجمهوره وعشاقه فكانت الحرب على لبنان المقاومة أمام مرأى العالم مستخدما اسلحته القذرة المحرمة دوليا لتنتقم من كل حبة تراب من كل حجر من كل طفل في الضاحية الجنوبية والقرى الحدودية ، محاولا استنساخ مشهدية الإجرام الذي عاشه اهلنا في غزة في الضاحية الجنوبية ليمرر مشاهد اجرامه عبر شاشاته العبرية التلمودية لترهيب كل من يقف في صف المقاومة ويشدّ على أيادي المقاومين وفي هذا محاولة منه لصناعة تاريخ يعتقد من خلاله انه سيمحو ذكرى السابع من تشرين بكل ما حمله هذا العنوان من تحدٍّ لقوى الهيمنة العالمية وتعرية قاداتهم وشعاراتهم وديمقراطيتهم المبنية على حق الشعوب في تقرير المصير لتنتصر الفكرة على من ابتكرها وروج لها لتكون البديل الاستعماري للشعوب ، إلا أن معركة طوفان الاقصى اعادت لحقوق الإنسان حيويتها فكان الانسان العالمي هو الناصر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وأعاد للمقاومة حقها في الدفاع عن أرضها ضد المستعمر وأعاد البوصلة للاستعمار من جديد بلسان عالمي فاضح لجرائم الكيان ومقاطع له .
وفي الخلاصة نقول في ذكرى طوفان الأقصى ان المقاومة مازالت حية ومتوهجة في افئدة أبنائها ، وان الحق لا يسقط بالتقادم مهما طال الزمن ، وان المقاومات لم تبنى دون عقيدة وإيمان أساسها الجهاد المقدس لتحرير فلسطين وبأن هؤلاء الرجال الشجعان منذ لحظة اتخاذ القرار بحمل السلاح وضعوا دمائهم على أكفهم ونذروا أنفسهم لله اولاً وللقدس ثانياً ، وهذه العقيدة لن نجدها عند قادة الكيان ولا عند جنوده ولا حتى مستوطنيه وليسوا مستعدين لتقديم ارواحهم لدولتهم المزعومة فهم الأكثر ادراكا ويقينا بانهم مستعمرين يحاولون اطالة عمر كيانهم من خلال إرهابهم وأسلحتهم القذرة .
وفي الحصاد لهذا العام وفي ذكرى طوفان الاقصى أقول استطاعت المقاومة فرض نظريتها أيضا القائلة لهذا الكيان لن تستطع بعد اليوم أن تقتل ثم تفكر ، فالأثمان التي تدفع لابد ان تكون متساوية في النتائج لينتقل هذا الكيان من الوقوف على رجل وربع الى السير أكواع وركب وهذه المشهدية رأيناها في ( تل ابيب ) ومناطق محتلة اخرى .
ولي ان اختم بما صرح به رئيس حكومة الكيان الاسبق أيهود أولمرت بأن سكان الشمال لن يعودوا وهذا هو الوعد الصادق خلال عام من معركة الطوفان .
باحثة في العلاقات الدولية – دمشق