مندوب بولندا الدائم في الأمم المتحدة ألقى بيانه اليوم في الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة قضية الحرب الروسية الدائرة على أوكرانيا بعد فشل مجلس الأمن الذي تعثر بالفيتو الروسي ، وكان انعقاد الجمعية العمومية للمناقشة ثم التصويت لاتخاذ قرار أممي ضد عدوان روسيا ومطالبتها وقف القتال الذي أسفر عنه الموت والدمار وتشريد الآلاف من الأوكرانيين إلى الدول المجاورة ، وبخاصة بولندا التي فتحت لهم ذراعي الأمان .
اسمع ماذا قال مندوب بولندا في كلمته أمام أعضاء الجمعية العمومية الأممية :
* – حدودنا مفتوحة لكل من يشعر بالخطر على حياته ، فله في بولندا الأمن والرعاية .
* – بولندا استقبلت الهاربين من الحرب لاجئين من بولنديين ومن جنسيات كثيرة ، ومن بينهم طلاب .
* – الأُسر البولندية فتحت منازلها لاستقبال اللاجئين الهاربين من الحرب .
* – وفَّرت بلادُنا 7000 سرير في 20 مستشفى مستعدة لاستقبال الجرحى والمرضى .
هذه بولندا التي تجير الجار إذا استجار ، إنها والله قيم وأخلاق عربية وإسلامية ، تركناها نحن – العرب المسلمين – وتمسكنا بما هو أدنى درجة من حقارات التعامل الإنساني .
أليس من حقي أن أغار ، وأتمنى لو أن بولندا من دول الجوار لنستجير بها في حروب العدو الصهيوني علينا .
تلك هي بولندا التي تفوَّقت نخوتها القرشية في إغاثة الملهوف على دول الجوار العربي ، وأين منها دولة عربية أغاثتنا حين استنجدنا بها في حروب إسرائيل الطاحنة المدمرة على قطاع غزة الفلسطيني؟ .
كلا والله ، ما أجارتنا أقرب الجيران لنا ، أقصد مصر العربية ، مصر أُم العرب ، مصر التي كانت مصر الناصرية ، مصر التي كانت عبر التاريخ الحضن الدفيء لكل المضطهدين ، حين كانت راية الله أكبر خفاقة فوق مآذنها ، وحين كانت راية القومية العربية ترفرف فوق أهراماتها وفوق برج جزيرتها وفوق قصر عابدينها وقصر منتزهها السكندري .
ذهبت النخوة العربية والشهامة العربية والغضبة القرشية ، وحل محلها الخضوع والتقوقع والتخلي عن الزمن السياسي وعن المشروع الوطني الجميل . يا خسارة وألف خسارة !!!. وأعود وأردد تمنياتي : ليت بولندا في جوارنا لنهرع إلى جوارها نستجير ” بعروبتها ” حين يشتد وطيس العدوان الإسرائيلي بالدبابات وطائرات F 16 والمدافع الثقيلة والبوارج الحربية ، فلا نعرف من أين يأتينا الموت من السماء أم من البحر أم من الأرض العريضة ، ولا ” بولندا ” بجوارنا تفتح لنا معبر رفح الحدودي للجوء المدنيين العزل اتقاء الموت المفاجئ والدمار الذي لا يُطاق احتماله ، وطلباً لتمريض الجرحى في مستشفياتها .
ليت لنا اتحاد عربي كالاتحاد الأوروبي ! ولكن كيف يكون ذلك والكارهون لنا قد توالدوا وتكاثروا؟ فبعد أن كان النظام الملكي الأردني وحده يخشى على نظامه منا ، أصبحت أنظمة عربية كثيرة تتمنى زوالنا مع زوال قضيتنا ، وينتهي أمرنا . وحين أفتش في دفاترنا الفلسطينية ، أجد أننا نحن – الفلسطينيين – قد ساهمنا في إغلاق هذا الملف الوطني ، والالتفات إلى المصالح الحزبية والانتباه إلى المنافع الشخصية . وأمسينا دولتين : دولة في الضفة الغربية تحسب أنها دولة كبرى ، ودولة في قطاع غزة تظن أنها دولة عظمى . والمنتفعون هنا وهناك هم المبشرون بنار جهنم جزاء لهم بما صنعت أيديهم بشعبنا ، وإني أراهم ما زالوا يصنعون الآثام والقبائح والموبقات . فهنيئاً لإسرائيل التي هزمتنا حين غزت عقولنا وتمكنت من السيطرة على فكرنا الوطني وعبثت بذاكرتنا القومية العربية ، ونسخَتنا عن معتقداتنا الدينية ، وهزمتنا من الداخل .*