“ميديابارت”: هكذا تموّل أموال عامة فرنسية جيش الاحتلال الإسرائيلي

تحت عنوان: “من خلال التبرعات المعفاة من الضرائب.. أموال عامة فرنسية تموّل الجيش الإسرائيلي”، قال موقع “ميديابارت” الفرنسي إن الجمعيات الفرنسية تواصل اقتراح الإعفاء الضريبي للتبرعات المخصصة لدعم الجنود الإسرائيليين، المنخرطين منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي في عمليات عسكرية أدت، بحسب مقرر للأمم المتحدة، إلى “تطهير عرقي” في قطاع غزة. في حين أوضحت وزارة الاقتصاد والمالية في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي أن ذلك غير قانوني.

ويوضّح “ميديابارت” أنه في فرنسا يمكن أن تخضع التبرعات للجمعيات، في ظل ظروف معينة، لتخفيضات ضريبية تصل إلى %66: مقابل 100 يورو تدفع على شكل تبرع، يمكن للفرد خصم 66 من ضرائبه، وبالتالي لا يدفع فعليًا سوى 34 يورو. وتكلّف هذه الآلية الدولة سنوياً 3.7 مليار يورو في عام 2018، وفقا لديوان المحاسبة.

وبحسبه فكرم الدولة هذا مدفوع بالرغبة في الحفاظ على النسيج الجمعوي الفرنسي حيًا، ولكنه ينحرف أحيانًا عن هدفه، موضحاً أن جمعيات فرنسية عرضت، منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي والحرب التي شنتها إسرائيل ردا على هجوم حماس، إعفاء التبرعات من الضرائب لـ“دعم” الجنود الإسرائيليين، مع تأكيد هذه الجمعيات أنها لا تزوّد هؤلاء الجنود بالمعدات العسكرية، بل بمعدات الراحة، مثل “الوجبات” أو “البطانيات”.

لكن وزارة الاقتصاد والمالية أكدت لصحيفة “ليبراسيون”، أنه يوم 14 نوفمبر/تشرين الماضي، أن هذا الأمر غير قانوني، وأعادت وأكدت أيضا لـ“ميديابارت” على أن “التبرع لجمعية فرنسية يكون غرضها مساعدة جنود جيش أجنبي لن يحترم المعايير التي تسمح بالاستفادة من ضريبة تخفيض على الخاصة بالجمعيات.

على الرغم من تحذير الوزارة، الذي تمت صياغته في نوفمبر/تشرين الثاني وتم تأكيده منذ ذلك الحين، واصلت العديد من الجمعيات الداعمة للجيش الإسرائيلي الإصرار على تقديم “التخفيضات الضريبية” وإصدار نماذج الاستمارات التي تعد بإجراء هذه التخفيضات. ويؤكد “ميديابارت” أن أنشطة هذه الجمعيات المعنية تتنوع: توصيل “وجبات ساخنة” للجنود، وتوزيع “عبوات” عليهم تحتوي على “بطانية ومنشفة وصابون وجل استحمام..”، أو حتى تنظيم جلسات علاج طبيعي للجنود”.

لكن الوعد بالخصم الضريبي يظل كما هو: “التبرعات المعفاة من الضرائب”، أو “المنحة الفورية” أو “استلم الاستمارة الخاص بك على الفور”، كما تعلن كل هذه الجمعيات، في تحد للقانون الفرنسي، يقول “ميديابارت”.

من بين هذه الجمعيات المعنية جمعية “Libi France”، التي قادت حملة مكثفة بشكل خاص في ديسمبر/كانون الأول المُنصرم لجمع التبرعات لجيش الاحتلال. ووعدت الجمعية المتبرعين/ المانحين، عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال إيميلات (رسائل البريد الإلكتروني)، بـ “تخفيض على ضرائبهم لعام 2023”.

ويشير الموقع إلى أن الجمعية وعدت الجهات الراعية لها بأن “%100 من تبرعاتهم سيتم التبرع بها مباشرة إلى الجنود”، مؤكداً أن الجمعية جمعت، عبر منصة Allodons.fr وحدها، 457 ألف يورو من التبرعات منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي. مع العلم أنها تلقت تبرعات أخرى على منصة HelloAsso، عبر PayPal وإذا كان جميع المانحين قد طبقوا فعلا التخفيضات الضريبية التي وعدت بها الجمعية بنسبة %66 فهذا يعني أن الدولة الفرنسية (وبالتالي دافع الضرائب) أنفقت، رغماً عنها، 300 ألف يورو لدعم الجنود الإسرائيليين، يوضح “ميديايارت”، معتبراً أن ذلك يعد انحرافاً يثير الشكوك بشكل أكبر بالنظر إلى السياق في الشرق الأوسط.

وزارة الاقتصاد ترفض تقديم تفاصيل

ويؤكد الموقع أن وزارة الاقتصاد والمالية ترفض تقديم تفاصيل عن التدابير المتخذة لمعاقبة الجمعيات التي تقدم هذه الاستقطاعات غير القانونية، مشيراً إلى الوزارة لم ترغب في الرد على سؤاله حول حالة جمعيات معينة مثل Libi France، باسم “السرية الضريبية”. لكنها رفضت أيضًا تحديد عدد عمليات التدقيق الضريبي التي يتم إجراؤها كل عام على الجمعيات من أجل التحقق من امتثالها للقواعد المتعلقة بإمكانية التخفيضات الضريبية. وربما يكمن المشكل هنا.. ففي فرنسا لا توجد رقابة مسبقة على هذه الاستقطاعات (الجمعيات لا تحتاج إلى موافقة مسبقة لتقديمها إلى الجهات المانحة لها”، كما يشير “ميديا بارت”.

وبالنسبة للسيناتورة ناتالي جوليه، التي تروي في كتاب صدر عام 2022 محاولاتها المتتالية لتغيير القانون في هذا الموضوع، فإن الحل قد ينطوي على “تخفيض” الحد الأدنى الذي يجب على الجمعية أن تلجأ منه إلى مدقق حسابات (وهو محدد اليوم بـ 153 ألف يورو من التبرعات المعفاة من الضرائب)، أو عن طريق ضوابط مسبقة – بإلزام هذه الجمعيات بالحصول على الموافقة.