مع استمرار التوتر الأمني في قطاع غزة، وتهديد المقاومة بتصعيد الأوضاع ضد الاحتلال، في ظل اشتداد الحصار على غزة، وعدم الالتزام الإسرائيلي بما تم التوافق عليه عقب العدوان الأخير في أيار/ مايو، تتزايد التقديرات العسكرية بشأن قرب اندلاع مواجهة أخرى وشيكة مع المقاومة.
في الوقت ذاته، تزعم الأوساط العسكرية الإسرائيلية أن هناك ما تسميها “حرب عقول” تجري بين قادة الجناح العسكري لحركة حماس وقادة جيش الاحتلال، خاصة في قيادة المنطقة الجنوبية، لأنه بينما تقاتل الحركة من أجل استعادة القدرات العملياتية والدمار في غزة، يحاول الجيش وقف عدد لا يحصى من الهجمات والعمليات التي تستعد الحركة لتنفيذها.
أمير بوخبوط الخبير العسكري بموقع واللا العبري، ذكر في مقاله أن “التحضيرات الإسرائيلية لمواجهة قادمة مع حماس في غزة تستوجب العودة إلى ما استخدمته الحركة في حروب سابقة من قوة ذات أبعاد دفاعية وهجومية في خط دفاعي سري ومتشعب تحت الأرض على طول قطاع غزة، فيما احتفظ الجيش الإسرائيلي بخطة عسكرية بقيت طي الكتمان، تتمثل بإجراء مناورة أرضية واسعة النطاق”.
وأضاف أن “تقدير الحرب الأخيرة توقع أن يركض مقاتلو حماس نحو الأنفاق تحت الشوارع والطرق، وفي فترة قصيرة جدا لا تتجاوز عشرين دقيقة، حينها سيهاجم سلاح الجو المدينة السفلى التي أقيمت في السنوات العشرين الماضية تحت قطاع غزة، عبر عالم من الأنفاق يسمى “مترو”، استثمرت فيه حماس قاذفات، وصواريخ مضادة للدبابات، ومقار، ومخابئ ومخازن أسلحة، وذخيرة، ووكلاء لوجستيين لنقل المقاتلين والمعدات قبل هجوم إسرائيلي فوق الأرض”.
تتركز النقاشات العسكرية اليوم داخل جيش الاحتلال حول استخلاص الدروس والعبر من الحروب الأخيرة، كي تستفيد منها في حال قرر شن عدوان جديد على غزة، لاسيما للحيلولة دون نجاح نشطاء حماس في الركض نحو الأنفاق استعدادا لمرحلتي الدفاع والهجوم، وإمكانية تنفيذ سلاح الجو لهجمات قادمة، مع بقاء التخوف الإسرائيلي من فشل هذه الخطوة، وإخفاقها، في ظل التردد الذي تظهره قيادة جيش الاحتلال تجاه عدم تنفيذ عمليات برية كبيرة في قلب القطاع.
في الوقت ذاته، تعترف محافل جيش الاحتلال بأن مدة القتال خلال الحرب الأخيرة، التي استمرت 12 يوما، زادت بسبب إصرار رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو على اغتيال محمد الضيف القائد العسكري لحماس، لكن كل هذه المحاولات فشلت في النهاية.
مع العلم أنه كان يمكن اختصار مدة العملية ليومين فقط، في ظل القدرة على إيجاد توليفة بين القوات والأسلحة والأجنحة لتحديد الهجوم والدفاع، وبجانبها خطط تفجيرية قد تتحقق بهجوم متعدد الأبعاد من الأرض، والجو، والسايبر، بما فيها أسراب الأشباح التي تعمل على طول السياج.
في مجال الروبوتات الإسرائيلية، يبدو أنها عملية بعيدة جدا عن التحقيق، لأن التأخير الدراماتيكي في الجداول الزمنية لهذا المشروع الحدودي يتضمن روبوتات دفاعية في شمال قطاع غزة، لكن خطة تشغيلها لم تمر بالطريقة التي أرادها أفيف كوخافي قائد الجيش.
في الوقت ذاته، يسعى الجيش لاستخلاص جملة دروس في مجالات الاستخبارات وإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون، لأنها لا تزال تشكل ثغرات في المعلومات الاستخباراتية والنيران، لكن السؤال الأخير الذي يحوم في الهواء هو مسألة العملية الأرضية، بما يشكل خطرا على القوات البرية، ويهدد لياقته، وبعبارة أخرى سينشأ جيل من كبار الضباط الإسرائيليين الذين لم يختبروا تجارب الحرب البرية، وبالتالي سيواجهون صعوبة في إنتاج أفكار الخداع الحربية، لأن عدد الكتائب التي خاضت تجارب قتالية آخذ في الانخفاض.
مع العلم أن قادة المنطقة الجنوبية في الجيش يسعون للتعامل مع هذه التحديات العسكرية، وهم بصدد إعداد خطة حربية جديدة لقطاع غزة، لاسيما بعد عملية “حارس الأسوار” الأخيرة، وما تلاها من إقامة الجدار الجوفي ضد الأنفاق على طول الحدود، والقدرة على تدمير الأنفاق تحت الأرض من الجو، وترميم الأضرار التي لحقت بالمصفوفات الإلكترونية وقدرات بطاريات القبة الحديدية، وتعويض ما لحق بالقدرات العسكرية والتكنولوجية من ثغرات وإشكاليات، تحاول توفير الحماية المفتقدة للجبهة الداخلية التي ستكون في مواجهة صليات صاروخية كبيرة.
عربي 21