ماذا بعد سقوط مزار شريف ؟ طهران تحشد «شيعة الهزارة» ضد طالبان

يبدو أن حركة طالبان على وشك السيطرة على مزار شريف، كبرى مدن شمال أفغانستان.إذ تخوض قواتها معارك ضارية بعد تعزيز مواقعها هناك ضد قوات الحكومة التي اضطرت للانسحاب خارج المدينة التاريخية ومفترق الطريق التجاري وإحدى الدعائم التي استندت إليها الحكومة الحالية للسيطرة على شمال البلاد. وسيشكل سقوطها ضربة قاسية لنظام الرئيس أشرف غني الذي يفكر جديا في إعلان الأحكام العرفية لإغلاق الطريق أمام طالبان ومنعها من إعلان سيطرتها على أفغانستان.

ولطالما اعتُبر شمال أفغانستان معقلًا للمعارضة في وجه طالبان، فهناك واجه عناصر الحركة أقوى مقاومة عندما وصلوا إلى السلطة في التسعينات. وفي حين أثبت الجيش الأفغاني عدم قدرته على وقف هجوم طالبان في الشمال، فإنه مستمر في مواجهة المسلحين في قندهار ولشكركاه، وهما معقلان تاريخيان لطالبان في جنوب أفغانستان، وكذلك في هرات في غرب البلاد، لكن هذه المقاومة تتم لقاء خسائر مدنية فادحة. وكانت طالبان استولت مؤخرا على مدينة شبرغان معقل زعيم الحرب عبد الرشيد دستم، وعلى زرنج عاصمة ولاية نيمروز البعيدة في جنوب غرب البلاد عند الحدود مع إيران. ويبدو من خلال مهاجمة الحركة لمزار شريف كبرى مدن شمال أفغانستان وعاصمة ولاية بلخ أنها لا تفكر في إبطاء الوتيرة المحمومة لتقدمها في الشمال. وتغيرت توازنات المشهد العسكري سريعا في شمال أفغانستان بسرعة، فبعد استيلاء طالبان على مدينة قندوز الكبيرة الواقعة في شمال شرق أفغانستان وكذلك على مدينتي ساري بول وطالقان، ضمت طالبان إلى قائمتها مدينة أيبك البالغ عدد سكانها 120 ألف نسمة والتي سقطت من دون مقاومة. وتعهد محمد عطا نور، الحاكم السابق لولاية بلخ والرجل القوي في مزار شريف والشمال، تعهد بالمقاومة «حتى آخر قطرة دم». وكتب على «تويتر»: «أفضل أن أموت بكرامة على أن أموت في حالة من اليأس».. ووفقا لصحيفة «إندبندنت» البريطانية هبت مجموعات قبلية وعرقية مختلفة للدفاع عن أراضيها ومكتسباتها بدعم من القوات الحكومية ضد حركة طالبان. ففي سيغيرد شمال مدينة مزار شريف، عاصمة ولاية بلخ الأفغانية، حمل رجال قبليون السلاح للدفاع عن المدينة ضد الحركة المسلحة. وقامت قبائل الهزارة الشيعية بإعلان النفير ضد طالبان، ويتبع قبائلها المذهب الشيعي ويتحدثون الفارسية، وسبق أن سلحتهم طهران في الماضي إبان الحروب الطويلة التي اندلعت في أفغانستان.

وتأتي هذه المعارك فيما اشتدت حدة الحرب الكلامية بين حكومة كابول وإسلام آباد، بعدما اتهم نائب الرئيس الأفغاني الجيش الباكستاني بتقديم «دعم جوي لطالبان في مناطق معينة». ونفت باكستان هذا الادعاء، مع إصدار وزارة الخارجية بيانًا جاء فيه أن البلاد «اتخذت الإجراءات الضرورية داخل أراضيها لحماية قواتنا وسكاننا». سياسيا وفي تحرك متأخر انطلق أمس الثلاثاء، في الدوحة اجتماع الترويكا الدولية حول أفغانستان لبحث آخر تطورات الملف الأفغاني في ظل التحولات الأخيرة المتسارعة على الأرض، ولم يتم تأكيد مشاركة وفد عضو طالبان في اجتماع الترويكا الدولي، بينما شارك رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله في الاجتماع الذي يهدف لصياغة استجابة دولية مشتركة للوضع المتدهور بسرعة في أفغانستان، وحض «طالبان» على وقف هجومها العسكري والتفاوض على اتفاق سياسي.