| «هناء» طالبة ثانوية عامة عندها 41 سنة وأم لـ5 أبناء: «جوزي شجعني»

تستيقظ في الصباح الباكر يملؤها النشاط، ترتيب منزلها بعناية، وتحضر الفطور لأبنائها، ثم توقظهم لمدارسهم وعملهم، تنتهي من مهامها ثم تجلس على مكتبها المتواضع وأمامها الكتب الدراسية، تدقق بها لاستذكار ما تدرسه، تظل منغمسة في خدمة العائلة إلى أن يحل الليل، هكذا تسير حياتها يوميًا، ولكن الأمس كان مختلفًا، بعد أن أنهت الأم واجباتها المدرسية التف حولها الأبناء يمطئنوها، فاليوم هو موعد ظهور نتيجتها كطالبة في الثانوية العامة.

«السن مجرد رقم»، شعار رفعته هناء محمد موسى إبراهيم، صاحبة الـ41 عاما، وأم لـ5 أبناء، بعد أن التحقت بالثانوية العامة وأصبحت أكبر طالبة تخوض الامتحانات في تلك النسخة التاريخية، لتتمكن في النهاية من النجاح بمجموع 56%، وترد على كل من حاول تحطيم أحلامها أو يهبط همتها، وتسكت ألسنة من سعى للاستخفاف بطموحاتها، وتغير حياتها يعد حصولها على الشهادة الثانوية.

تروي «هناء» لـ«» تفاصيل الإنجاز الذي حققته بعد عمر الأربعين، عقب تفكير طويل ومشاروات مع الأسرة والزوج، «الكل قال لي بلاش عيالك بقوا في ثانوية، وهتعملي إيه بالتعليم، إلا جوزي بصراحة هو اللي ساعدني ووقف جنبي وشجعني إني أنجح، وأنا مشيت ورا طموحي وحلمي إني أكون طالبة ثانوية، وماتسكشفتش من العلم بعد العمر ده».

منذ سنوات طويلة اكتفت ابنة منطقة الحسينية بالزقازيق محافظة الشرقية، بحصولها على دبلوم الصنائع، وذلك بسبب العادات التي يعيش بها أهل منطقتها بأن الهدف الأسمى للفتيات هو الزواج وليس التعليم، لذا قررت أن تغير الواقع ولاقت متاعب كثيرة خلال سنوات الدراسة ولفكنها تخطتها بالإرادة والتصميم.

«هناء»: ابني كان بيذاكرلي.. وزوجها: فخور بيها

الابن الأكبر لهناء موسى «عمر» لديه 19 عاما، ومر بمرحلة الثانوية العامة، اعترض في البداية على فكرة دراسة والدته، ولكنه يعد ذلك أضحى مساندا لها ومساعد لتسخير الصعاب، وعلى الرغم أنها لم تحصل على تابلت كسائر طلاب الثانوية إلا أنها حصلت على الكتب وذاكرت منها، «مبسوطة بمجموعي، عارفة أنه بسيط ولكن أنا تعبت عشان أحققه، برغم كدة سقطت في الفرنساوي، عشان الوقت سرقني ومالحقتش أحل كل الأسئلة، لكن هعوض وامتحنه تاني ودرجاتي هتترفع لـ61% بعد ما أنجح فيه».

أسرة «هناء» المكونة من زوجها وأبنائها الخمسة، تشعر بالفخر الشديد تجاه الأم، التي لم حققت حلمها وفي الوقت ذاته لم تقصر في مهام منزلها، واستطاعت خلق روح جديدة ومنافسة دراسية بينها وبين أولادها، على حد قول زوجها محمد سليمان عمر: «أنا فخور بيها وباللي عملته، وهي في عيني الأولى على الجمهورية، وكسبت التحدي في ظل نظام تعليمي جديد عليها، ودون أي دروس خصوصية، وأثبتت أنه لا يوجد يأس مع الحياة».