| «شريف» يصارع الشمس والالتزامات بـ«ترابيزة سندوتشات»: بعافر عشان أعمل حاجة ليّا ولأخواتي

شاب ثلاثيني، يقف كل يوم من الثامنة صباحا حتى الرابعة عصرا بمنطقة ألماظة، غير مكترث بدرجة الحرارة المرتفعة أو أشعة الشمس الحارقة، كل ما يهم «شريف» أن يبيع السندوتشات وعلب الطعام التي أعدها، والتي يضعها أمامه على «ترابيزة سندوتشات»، مشروعه الصغير الذي لجأ إليه لتوفير ما يحتاجه من مال، لإتمام زاوجه على الفتاة التي اختارها قلبه وعقله.

تخرّج شريف حسام محمد، (31 عاما)، في المعهد الفني التجاري بحي المطرية حيث يسكن، اعتاد الشقاء والسعي مذ أن كان طفلا، بعدما حرمته الحياة من نعمة الأب الذي توفي حين كان عمره 10 سنوات، هو ما جعله يدرك سريعا أنّ الحياة ليست سهلة، وتحتاج من الجميع الكثير حتى يحصل منها على أقل القليل.

اعتاد الشقاء

أجبرت وفاة الأب «شريف» على الخروج إلى الأسواق والبحث عن عمل، لتوفير المال لشراء الزي المدرسي والإنفاق على تعليمه، حسب ما يحكي الشاب الثلاثيني لـ«»: «اتبهدلت واشتغلت في الأسواق عشان أكمل تعليمي، بس مجبتش مجموع كويس في الثانوية العامة يدخلني كلية طب، أبويا كان بيقولي يا دكتور من وأنا صغير، بس مكنتش باخد دروس تخليني أجيب مجموع يسمح بده».

معافرة مستمرة

نتيجة الثانوية لم تمنع ابن حي المطرية من التوقف عن معافرته، بل زادته حماسة وخرج إلى العمل في أكثر من مكان ليكتسب مهارات تفيده، حتى أصبح «صانع قهوة ماهر» ومطلوب من عدد ليس بالقليل من الكافيهات والمطاعم، حسب ما يوضح الشاب الثلاثيني.

ويضيف «شريف»: «مريت بظروف صعبة لكن ميأستش وفضلت أعافر، وكنت وبلف من مكان لمكان، تقريبا لفيت نص مصر في المجال ده، من بورسعيد لإسكندرية لدمياط لرأس البر للساحل».

ويكشف أنّه قضى سنوات ليست قليلة في العمل متنقلا بين محافظات ومدن الجمهورية المختلفة، لكن كل صاحب عمل كان لا يعطيه أجر كافٍ ومرضٍ بالنسبة له: «أصحاب الأماكن كانوا بيستعبدوني بشكل مبالغ فيه».

عمل حر

وهنا أدرك الشاب الثلاثيني أنّ أفضل طريق لتوفير الأموال التي سيحتاجها لإتمام زاوجه، أن يفتتح مشروعا صغيرا يمنع استغلال واستعباد أصحاب العمل – حسب وصفه -، حيث توصل إلى فكرة مشروعه الصغيرة «ترابيزة السندوتشات»، بعدما شاهد أكثر من شاب يفعل الأمر ذاته بمنطقة وسط البلد بالعاصمة القاهرة: «قولت مشروع كويس وربنا يكرم والفلوس بتاعته على أد الإيد».

900 جنيه

ويميزانية بسيطة استطاع «شريف» شراء كل ما يحتاجه من متطلبات لبدء عمله سريعا، حيث لم يحتج سوى 900 جنيه فقط، اشترى بها «الترابيزة» والعلب التي يضع بها أنواع وأصناف الطعام التي يصنع منها سندوتشاته، كاشفا عن أنّ أسعار سندوتشاته تترواح بين 3 و6 جنيه فقط، أغلاها «التونة»: «وقفة الشمس والتعب اللي بشوفه كفيل يهد أي حد، بس اديني واقف وبعافر وبقول ربنا يكرم من فضله، عايز اتجوز زي خلق الله، ونفسي أعمل حاجة ليّا ولأخواتي، مشروع يعيشنا زي الناس بدل ما إحنا عايشين تحت سابع أرض».