«الأذن» تعشق قبل «العين».. أحياناً !

الأخصائية النفسية والمستشارة الأسرية دعاء زهران، تؤكد أن للهمسات الخافتة وبعض الأصوات تأثيراً على الفرد دون أن يتحكم بمشاعره، ما يستوجب عدم الاستهانة ببعض الإشارات الخفية التي نتلقاها بطرق غير مباشرة ونستشعر حدوثها بشكل ملموس على أنفسنا. وفعلاً.. كثيراً ما نسمع بأن نغمة المسج في أوقات معينة من الشهر تكون لها سعادة لا توصف.. كمسج إيداع نقدي.. أو إيداع راتب.. والأكثر سعادة عندما تتلقى هذا المسج بدون سابق إنذار. وبعضها يزيد نبضات القلب سعادة وبهجة بمجرد سماع نداء صعود للطائرة.. أو الإعلان عن الرحلة.. فتغمر السعادة روح هذا الشخص وترسم الابتسامة على ملامحه دون أن يشعر.. فشعور الفرح الداخلي.. ينعكس تلقائياً على سلوكيات الفرد. وتكمل زهران: «سماع صوت شخص عزيز يشعر الشخص للوهلة الأولى أنه بين الحلم والحلم فيردد في نفسه العبارة الشهرة «أنا في حلم وإلا في علم»، فتنغمر السعادة بداخله بمجرد الصوت وقبل الرؤية.. وهذا ما يؤكد أننا بحاجة لغذاء الأذن، بما يسعدها ويبهجها، فالأذن متعطشة لسماع ما تحب، لينعكس ذلك تلقائياً على الملامح والتصرفات وردات الأفعال.

وهذا أدعى بألا نستهين بإيذاء غيرها دون قصد.. إذ يصبح تأثير ما نسمعه قوياً وملاحظاً، وهو ما يختزن في اللاوعي الذي يظهر على تعاملاتنا في المستقبل. فمثلاً للأصوات المحببة جوانب إيجابية.. كما أن للأصوات السلبية تأثيراً سلبياً ومؤلماً ومزعجاً على نفسية وسلوك الفرد.. فالبعض ترتبط لديه بعض الأصوات بمواقف سيئة.. مثال ذلك ربط قرع الباب بطريقة متتابعة بسماع خبر سيئ.. أو ربط وقت أذان الفجر بموقف سعيد، فبمجرد استشعار دخول الوقت أو سماع الأذان تُعاد للذاكرة الموقف ذاته دون قدرة منه في السيطرة على مشاعره.

صدق الشاعر العربي الكفيف بشار بن برد حين قال «الأذن تعشق قبل العين أحيانا»، فالأصوات والنغمات مثيرات بيئية لها العديد من ردود الأفعال المختلفة على الفرد من الناحية الفسيولوجية والنفسية (العاطفية).. هذا ما تؤكده الأخصائية النفسية عهود الرحيلي في حديثها لـ«»، مشيرة إلى أن الأصوات المنخفضة والهادئة تؤدي إلى الشعور بالراحة والهدوء والسكينة وانخفاض مستوى القلق والتوتر، وهو ما يعتمد عليه العلاج الموسيقي كأحد أنواع العلاجات النفسية مستفيدة من التأثير الإيجابي للأصوات والنغمات على الجانب العاطفي والنفسي للإنسان، وهذا ما تعتمده أيضاً المحلات التجارية والمطاعم في استخدامها للموسيقى أثناء التسوق أو تناول الطعام.

وفي المقابل، تقول الرحيلي إن الموسيقى الصاخبة والأصوات العالية مثل صوت التلفاز أو المكنسة أو أصوات الأشخاص الحادة قد تسبب شعور الفرد بالتوتر أو القلق والضيق وتعكر مزاجه وتجعله متهيجاً، وقد تجعله عدوانياً، كما قد يضعف معها القدرة على التركيز والإنتاجية. ووفقاً للنظرية السلوكية في علم النفس فإن بعض الأصوات قد ترتبط ارتباطاً شرطياً بمواقف إيجابية مثل الفرح والسعادة والبهجة، أو سلبية مثل الحزن والضيق والقلق، فيكون لها تأثير نفسي على الفرد في حال تكرار سماعها مع غياب المؤثر الأصلي مثل سماع صوت الإعلان عن موعد إقلاع رحلة طيران، أو موسيقى معينة، أو نغمة رسالة في وسائل التواصل الاجتماعي، أو على العكس قد يكون لها تأثير سلبي مثل سماع صوت المنبه خارج أوقات النوم، أو سماع صوت توقف سيارة مفاجئ وإن كان بعيداً، لذلك فإن سماع الأصوات والنغمات قد تؤثر إيجاباً وسلباً في حياتنا اليومية.

الهمسات الخفية..

كيف تتحكم بمشاعرك ؟