| متطوع «سياحي» وقدوته «حواس».. إسلام «عامل» بدرجة «ماجستير آثار»

«بقدرِ الكدِّ تكتسب المعالي، ومن طلب العلا سهر الليالي، ومن رام العلا من غير كدٍّ، أضاع العمر في طلب المحال، تروم العز ثمّ تنام ليلا، يغوص البحر من طلب اللآلي».. كلمات قالها الإمام الشافعي، في وصفه عن المجتهد الذي يصر على النجاح والتفوق، وصبره على الشدائد حتى يأتي العوض، آمن بها إسلام إبراهيم الدسوقي أحمد زغلول، (36 عاما)، الذي يعمل «عامل جودة» نهارا في شركة ملابس، و«باحث أثري» ليلا، و«متطوع» في منطقة الأهرامات والمتحف المصري، لشرح تاريخ الحضارة الفرعونية للسائحين العرب والأجانب.

إعلان في شركة ملابس

تخرج إسلام في كلية الآداب شعبة الآثار المصرية بجامعة عين شمس، لم يجد فرصة للعمل في مجال الآثار رغم عشقه لها، واستمر في البحث عن وظيفة حتى وجد إعلانا لإحدى شركات الملابس العالمية في العاشر من رمضان، تطلب عمال جودة وتقدم للعمل هناك.

يستيقظ إسلام في الثالثة فجرًا، بحسب حديثه لـ«»، وينطلق حيث يعمل في أحد مصانع العاشر من رمضان، يرتدي زيّه ويبدأ عمله كـ«عامل جودة»، يفحص الملابس قطعة قطعة، ويتأكد أنّها مطابقة لمواصفات العميل، وأنّه لا مشكلة بها، ثم ينهي عمله في الخامسة مساء ويعود لمنزله في قرية العزيزية مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية في السابعة مساء، ليبدأ وظيفة أخرى هي الأحب لقلبه.

أسس حملة «بنحكي تاريخنا»

حصل «إسلام» على درجة الماجستير في الآثار، ويستعد لتسجيل الدكتوراه في الآثار المصرية، كما أسس حملة «بنحكي تاريخنا» لزيادة الوعي الأثري، والترويج للسياحة المصرية.

حصل إسلام على شهادات في اللغة المصرية القديمة، وشهادات في علم الحفائر، لكنه حتى الآن من أصحاب «الياقات الزرقاء» من العمال المكافحين، رغم أنّه يكتب مقالات وينشر فيديوهات ويجري مقابلات تلفزيونية ومداخلات هاتفية إذاعية باعتباره أثري، لكنه يحافظ على وظيفته التي يتكسّب منها وينفق منها على هوايته ودراسته ووالدته وإخوته.

يذهب إسلام إلى منطقة الأهرامات والمتحف المصري رفقة فريق عمله، البالغ أكثر من 20 شخصا لتأدية دورهم التطوعي في إرشاد السياح العرب والأجانب، وشرح المعلومات الأثرية، ويفعل ذلك متطوعًا رفقة فريقه من أعضاء «بنحكي تاريخنا».

يحل إسلام ضيفًا على بعض البرامج للحديث عن الآثار المصرية، ويجري مداخلات هاتفية في أوقات فراغه، ليكون عامل جودة بأحد المصانع صباحًا وأثري عاشق للآثار المصرية باقي أيامه، كما ينام 3 ساعات يوميًا، ويستغل أوقات فراغه لإشباع هوايته، حيث يقضي وقته بين القراءة والتعلم وشرح المعلومات الأثرية في فيديوهات ينشرها عبر حسابه الشخصي على فيس بوك.

يشيد إسلام بدعم أستاذه الدكتور محمود الحلوجي مدير المتحف المصري السابق، وبدور زملائه في حملة «بنحكي تاريخنا» ودورهم في زيادة الوعي بالأثار المصرية، كما يشيد بدعم المسؤولين له ولفريقه، وتسهيل دخولهم إلى المناطق الأثرية لممارسة عملهم.

يحلم إسلام بزيادة الوعي الأثري لدى المصريين، ويضع عالم الآثار الكبير الدكتور زاهي حواس «قدوة له»، ويأمل في الحصول على فرصة عمل كـ«أثري»، لاستكمال مسيرته العلمية، وتحقيق حلم حياته بالعمل في المجال الذي عشقه منذ طفولته.