يواصل رئيس الوزراء نفتالي بينيت طرح شعارات ثابتة كحل لمواجهة جديدة تطورت على طول جدار الفصل في غزة. لكن عبارات مثل “نحن جاهزون لكل سيناريو” و”سنرد في الزمان والمكان المناسبين”، لا تهدئ سكان غلاف غزة، أو عائلة جندي حرس الحدود برئيل حدارية شموئيلي، الذي أصيب بنار قناصة فلسطيني.
ما يحصل على طول الحدود ليس سيناريو، بل واقع ثابت، يولي قواعد المواجهة بين إسرائيل وحماس، وسيظل مهدداً لأمن إسرائيل طالما يعرّف كـ “حدث”، “سيناريو” أو “رد”.
قال بينيت قبل ست سنوات في مقابلة مع القناة 2 بأن “لنا مصلحة كبيرة في إعمار غزة.. آتي مع شيء يسمى العقل السليم، أنظر إلى الواقع كما هو. إذا حانت اللحظة التي نقرر فيها إسقاط حماس، فيمكننا ذلك. ولكن طالما الأمر ليس كذلك، فيجب المبادرة”، وقال ذلك من موقع النقد الذي توفر له على شكل إدارة حملة “الجرف الصامد”. أما اليوم فهو رئيس الوزراء، وفي يديه صلاحيات وقدرات لتنفيذ الاقتراح الحكيم الذي طرحه.
إن إعمار القطاع خطوة حيوية لتعطيل دوافع إسرائيل للمهاجمة، وضروري لإنقاذ نحو مليوني فلسطيني من حياة الفقر الظالم وعرض أفق اقتصادي لهم. إن موافقة إسرائيلي، التي نشأت إثر مباحثات مضنية وزائدة، على السماح بتحويل أموال المساعدة من قطر إلى قطاع غزة، ليست بديلاً عن إعمار شامل. وما تحويل المال إلا علاج مؤقت.
وزير الدفاع، بيني غانتس، الذي عارض تحويل المال إلى قطاع غزة بشدة، واشترط الإعمار مقابل تحرير جثماني الجنديين والأسيرين الإسرائيليين، لم يتعلم شيئاً من تلك الحملات الفاخرة التي قاد جزءاً منها كرئيس أركان. يبدو أن غانتس لن يرتاح إلا بإشعال حملة عسكرية جديدة تشبه سابقاتها عديمة الغاية والمنفعة.
إذا لم يغير بينيت ذوقه منذ عرض إعمار غزة كـ “مصلحة إسرائيلية كبرى”، فعليه أن يتغلب على عائق غانتس، ويطبق السيناريو الوحيد الذي يشتري الهدوء ولم يجرب بعد. إن إعمار غزة بمساعدة دولية وبرعاية مصرية، وفتح المعابر أمام البضائع، وزيادة عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل، وحتى بناء ميناء في غزة، وان كانت كلها لا تلبي التطلعات الوطنية لمواطني غزة وحماس، ولكنها كفيلة بأن تبني كوابح ناجعة ضد مواجهات عنيفة.