«دقوا الشماسى من الضحى لحد التماسى»، هكذا وصف العندليب الأسمر حال المصريين طوال أشهر الصيف، فيهرولون إلى الشواطئ، يستمتعون بنسيم البحر، ويحتمون من لهيب الشمس تحت مظلات منقوشة بمشرقة، صنعها حرفيون مهرة، توارثوا المهنة عن أجدادهم، ويتمسكون بها رغم التحديات التى تواجههم فى السنوات الأخيرة.
فى مناطق متفرقة، أشهرها الدرب الأحمر، استعدت ورش تصنيع الشماسى ومستلزمات الشواطئ لموسم المصايف بطرح منتجاتها المختلفة، على أمل تعويض خسائرها منذ تفشى جائحة «كورونا» وغلق الشواطئ، الأمل الذى يتقلص فى ظل تحديات مختلفة، عبَّر عنها لـ«» سامى بدوى، صاحب ورشة فى منطقة الدرب الأحمر.
«موسم البيع 4 أشهر فى السنة، يبدأ فى مايو وينتهى فى أغسطس، نستعد له طول العام بإنتاج شماسى وكراسى بأشكال مختلفة، وللأسف هذا العام نبيع الشغل المصنوع فى 2019، لتداعيات كورونا وغلق الشواطئ، وموسم الصيف نفسه تقلص للغاية بسبب الثانوية العامة، والأهالى ينفقون الكثير على الدروس الخصوصية وخلافه، ولا يتبقى لهم ما ينفقونه على المصيف»، وفقاً لـ«سامى».
«سامي»: نبيع المصنوع فى 2019 والصنايعية يتجهون للعمل على «التكاتك»
اتجاه الحكومة إلى تأجير الشواطئ لرجال أعمال زاد من أعباء ورش تصنيع الشماسى الأهلية والمصانع الصغيرة، بحسب «سامى»، خاصةً أنه تتم الاستعانة بشركات لتجهيز تلك الشواطئ وفرشها، وهى للأسف تتجه للمنتجات المستوردة لأنها الأرخص، بغض النظر عن الجودة: «الشاطئ يؤجًّر لشهور معدودة، ويتم فرشه بشماسى للدعاية، وكل ما يهم رجل الأعمال السعر والكمية». «سامى» ورث المهنة عن والده «محمد بدوى»، الذى يمتلك ورشة منذ فترة الخمسينات، تتخصص فى مستلزمات القرى السياحية والفنادق والنوادى «شماسى وتندات ثابتة ومتحركة، وكراسى وشازلونج»، بالاعتماد على خامات أساسية «خشب، ألومونيوم، قماش دبك وبوليستر، خرزان، سلك»، وجميعها متوافرة محلياً، فيما عدا الخرزان، يتم استيراده من ماليزيا وتايوان.
منذ 7 سنوات باتت الصنعة فى طريقها للانقراض، فى رأى «سامى»، خاصةً أن المستوردين يتجهون إلى الاستيراد من الصين وماليزيا، بسبب انخفاض السعر على حساب الجودة: «خامات رديئة، ولا توجد خدمة ما بعد البيع، ومع ذلك يقبل عليها الزبائن، لأنهم مكبلون بأعباء المعيشة والدراسة، ولا يتحملون بند المصيف».
ليست المصايف فقط التى أثرت على تجارة الشماسى، فخفض طاقة الإشغال والعمل فى المطاعم والمراكز التجارية والحدائق، أدى إلى قلة الإقبال عليها، فى رأى «سامى»: «الأجواء لا تسمح بتطوير المنتج، الورش تُغلق والعمالة يتم تسريحها، 90% من المهن الحرة يعمل بها أرزقية وأميون، اتجهوا للعمل على التكاتك، لأن الصنايعى يأخذ يومية 200 جنيه، فلماذا يتعب نفسه؟».
يناشد «سامى» الحكومة عدم استيراد ما يصنع محلياً: «الغورية والأزهر والعتبة مليئة بالمنتجات المستوردة، وللأسف جودة المحلى تأثرت أيضاً بسبب محاولات الورش مجاراة المنتجات المستوردة، فأسعار الشمسية المحلية تبدأ من 150 جنيهاً وتصل إلى 400 جنيه، حسب الحجم ونوع القماش، وكانت تصنع بـ10 بوصة أصبحت 8 وأحياناً 6 بوصة، لأن الزبون يريد الأرخص».
افتتاح مدن جديدة من شأنه إنعاش كثير من الصناعات، ويتمنى «سامى» الالتفات للورش الصغيرة، بتوريد المستلزمات لها، وعدم الاكتفاء بمنتجات المصانع الكبرى، دعماً لتلك الحرف المتوارثة، ولحمايتها من الانحسار والتراجع.