صرح رئيس تحرير موقع ويكيليكس، كريستين هرافنسون، لـ RT بأن الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان لا ينبغي أن يفاجئ أحداً.
وأضاف أن قدرة واشنطن على خداع العالم لعقدين من الزمان هي ما يدعو إلى الصدمة، حيث “تواطأت” وسائل الإعلام الغربية في إخفاء حقيقة الحرب الأفغانية، ما سمح بتعزيز تلك “الكذبة غير العادية” Extraordinary lie طوال هذه المدة.
قال هرافنسون إن حملة الحرب التي شنتها واشنطن منذ 19 عاماً في أفغانستان كانت “كذبة كبيرة” لم يستفد منها سوى المجمع الصناعي العسكري الأمريكي ومقاولي القطاع الخاص. ولا يعد الانسحاب الفوضوي الراهن مفاجأة، لكن وسائل الإعلام الرئيسية حول العالم لم تدرك الأكاذيب التي أطالت الحرب منذ فترة طويلة.
وكان موقع “ويكيليكس” قد نشر مجموعة من الوثائق التي “رسمت جميعها صورة حقيقية لما كان يحدث في أفغانستان قبل 11 عاماً”، وفقاً لهرافنسون، مشيراً إلى ما يسمى بـ “مذكرات الحرب الأفغانية” وهو عبارة عن مجموعة من السجلات العسكرية الداخلية الأمريكية والبرقيات الدبلوماسية ووثائق من وكالة المخابرات المركزية، تغطي الفترة ما بين 2004 و2010.
ويعد التسريب الذي نشرت خلاله “ويكيليكس” 91 ألف وثيقة من أكبر التسريبات في تاريخ الجيش الأمريكي، حيث تصدرت تلك التسريبات عناوين الصحف في ذلك الوقت، مما أدى في النهاية إلى اعتقال ومحاكمة المبلّغين عن المخالفات، تشيلسي مانينغ، ووضع “ويكيليكس” ومؤسسها، جوليان أسانج، في مرمى نيران واشنطن.
وعلى الرغم من ملف تفريغ تلك الوثائق، إلا أن التصور العام عن الحرب الأفغانية لم يتغير، و”استمرت الأكاذيب”، وكان الوضع كما يصفه هرافنسون “مذهلاً”.
ويتابع هرافنسون: “من المدهش أن يستمر الأمر طوال هذا الوقت”، ثم أصبحت تلك الحرب “حرباً منسية”، بعد أن طغت عليها مغامرة عسكرية أمريكية أخرى وهي الحرب في العراق.
وكان التعتيم على ما يجري داخل الولايات المتحدة الأمريكية قد “تم تجنبه إلى حد كبير”، حتى كشفت “واشنطن بوست” الأمر مرة أخرى، من خلال نشر ما يسمى بـ “الأوراق الأفغانية” عام 2019.
تناولت تلك الوثائق، التي حصلت عليها “واشنطن بوست” من خلال مطالبات “قانون حرية المعلومات”، صورة لجهد متواصل من قبل العديد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتضليل الرأي العام الأمريكي بشأن التورط في أفغانستان.
واتهم هرافنسون وسائل الإعلام الغربية، التي لم تعير أي اهتمام بالواقع، بأنها “متواطئة في إخفاء هذه الحقائق”، والسماح بتدهور الوضع. وأضاف: “هناك الكثير من عمليات المواجهة مع الذات تدور في ذهن المرء، والتي يتعيّن على الصحفيين عادة القيام بها”.
في نهاية المطاف، استفاد المجمع الصناعي العسكري الأمريكي مما يتضح أنه إهدار هائل للأموال، وفقاً لرئيس تحرير “ويكيليكس”. فقد ذهب أكثر من تريليون دولار أمريكي إلى جيوب هذا المجمع ومقاولي القطاع الخاص، المفترض أنهم كانوا يقومون بعمليات تدريب للشرطة الأفغانية، مضيفاً إلى أن أكبر مصنّعي الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية قد شهدوا “زيادة بمقدار عشرة أضعاف” في قيمة مخزونهم، على مدار 20 عاماً من الحرب.
لقد كان تدفقاً هائلاً للأموال إلى الجيوب الخاطئة، ولا يمكن وصفه سوى بالفساد على نطاق واسع. الآن انكشف المستور عن حقيقة الحرب ليراها الجميع، بينما تنسحب واشنطن وحلفاؤها على نحو محموم من أفغانستان، التي سقطت في أيدي طالبان في غضون أسابيع فقط. ومع ذلك، فمن غير المرجح أن يغيّر ذلك من المسار السياسي للنخب الغربية، التي لا زالت تفضل “معاقبة من يقولون الحقيقة” بدلاً من استخلاص الدروس من أخطائهم، كما يعتقد هرافنسون.
وتابع كريستين هرافنسون: “إن الحرب الدائرة الآن هي الحرب على الصحافة، والحرب على جوليان أسانج، الذي لا يزال يتعيّن عليه قضاء بعض الوقت في السجن بمدينة لندن”، في محاكمة “سياسية، لا تتعلق بالقانون”. وتسائل: “هل الحقيقة مهمة هناك؟ أشك في ذلك”.