كما هي الولادة تجدد الحياة، تمنحنا الديمومة، يبدو غياب الكبار ورحيلهم يشكل حالة من التحدي لكل ما هو مستجد، والتساؤل عما انجزوه، هل خياراتهم كانت صائبة؟؟ هل ما تركوه واصل ما بدأوا به؟؟.
ذلك هو السؤال الذي استبد عليّ وأنا أشهد حالة الحضور في خيمة غياب إبراهيم غوشة أحد مؤسسي حركة حماس والناطق باسمها، أحد أعمدتها الذين بنوا وفلحوا وأجادوا الاختيار، وبذلك حققت حركة حماس مجموعة من الإنجازات لنفسها ولشعبها الفلسطيني:
أولاً: سلسلة عملياتها الموجعة ضد أدوات المستعمرة وعناوينها.
ثانياً: استشهاد العديد من أبرز قياداتها غيلة وغدراً من قبل العدو.
ثالثاً: فوزها في الانتخابات التشريعة عام 2006، بالاغلبية البرلمانية للمجلس التشريعي الفلسطيني تقديراً من شعبها على دورها الكفاحي اللائق.
لم يكن خيارها صائباً في ما سمته وأطلقت عليه «الحسم العسكري»، وسيطرتها المنفردة على قطاع غزة منذ حزيران 2007، إلى الآن، تعرض خلالها قطاع غزة إلى أربعة حروب همجية : 2008، 2012، 2014، 2021، غير تلك المتقطعة من القصف المركز والعشوائي المقصود، أفقدت أهالي غزة حياتهم المستقرة، ومتعة رحيل الاحتلال عنهم مرغماً على أثر العمليات الفلسطينية، دفعت شارون نحو ترك قطاع غزة بعد فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش الاحتلال.
ما تركه إبراهيم غوشة والذين رحلوا قبله ما يستحق المباهاة، ولهذا غادر مُرتاح الضمير، مطمئن أن خياراته كانت صائبة، وأن رفاقه ما زالوا على الطريق نحو الهدف: حرية فلسطين، كرامة شعبه، عودة اللاجئين المشردين من مخيمات البؤس والشقاء خارج بلدهم، عودتهم إلى المدن والقرى التي طُردوا منها عام 1948،والعمل على إستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
القرار الرسمي الأردني للترحيب بقيادة حماس، وتسهيل إجراءات حضورهم إلى عمان، للمشاركة في فعاليات رحيل رفيقهم، وتلقي واجبات العزاء، وهتافات الأردنيين الترحيبية، والتقدير الذي حظي به: إسماعيل هنية وخالد مشعل وعزت الرشق، دلالات ملموسة تجعل خيارات حماس السابقة والحالية وصولاً إلى المستقبلية، على أنهم يسيرون على اتوستراد الكفاح الوطني الموصل حقاً نحو الحرية والاستقلال والعودة.
طريق الموت لا يستطيع أحد إقفاله، ولكن التعويض عن الرحيل، وعزاء الفقدان يتم عبر رياضة التتابع، وتسليم الراية لمن هم اختاروا الشراكة، وها هو إبراهيم غوشة بعد رحيله يستمد استمرارية حياته الكفاحية، والوطنية والفلسطينية بمن هُم كانوا معه، وساروا على دربه، مطمئنين على أن الغد سيكون الأفضل.
في النقاش والحوار مع عزت الرشق في خيمة الوفاء لإبراهيم غوشه، سلّم أن الشعب الفلسطيني هو البطل، وأن إنجاز العاشر من أيار الرمضاني يعود إلى العناوين الثلاثة: 1- أهالي القدس، 2- أهالي مناطق 48 أبناء المدن الفلسطينية والمختلطة، 3- لفصائل المقاومة، التي أرغمت الإسرائيليين نحو الاختباء في الملاجئ، وتعطيل المطارات، وخسارة في الاقتصاد، وأكثر من هذا تدني روحهم المعنوية رغم: 1- التفوق الإسرائيلي، و2- الحصار المفروض على القطاع، ومع ذلك تصنع حماس صواريخها بأدوات محلية، وإرادة وطنية، عزيمة جبارة، وخلاصة الحوار أن تكامل الأدوار، وتوزيع المهام، هو الطريق الموصل نحو الانتصار، وليس خطف الأضواء وتغييب الآخرين.
رحيل إبراهيم غوشه، محطة ولادة، حينما بدأ، ومحطة استمرارية لمن تسلموا الراية الكفاحية لمن هم من بعده.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0