تساءلت المعلقة في صحيفة “نيويورك تايمز” ميشيل غولدبيرغ عن السبب الذي دفع بدوائر في اليمين الأمريكي المتطرف للترحيب بانتصار حركة طالبان على أمريكا.
ففي الوقت الذي اجتاحت فيه الحركة أفغانستان في آب/ أغسطس قامت جماعة من اليمين المتطرف البديل اسمها “جنرال زد” بفتح حساب على “تويتر” احتفى بتقدم الحركة. ووضعت تغريدات بلغة البشتو جنبا إلى جنب مع صور مقاتلين ضاحكين من طالبان من أجل تصوير التخنث الأمريكي.
وفي تغريدة أخرى ترجمت للإنكليزية عبر محرك غوغل جاء فيها: “لم تفشل الليبرالية في أفغانستان لأنها أفغانستان وفشلت لأنها لم تكن حقيقية. فشلت ورأت أمريكا وأوروبا وبقية العالم هذا”.
وتم تعليق الحساب الآن لكنه مثال واحد عن إعجاب بطالبان ظهر في دوائر من اليمين الأمريكي، فقد كتب الشاب المؤثر والداعي لتفوق العرق الأبيض، نيك فوانتيس، والحليف للنائب الجمهوري عن أريزونا بول غوسار والمعلقة المعادية للمهاجرين ميشيل مالكين، على منصة تلغرام “طالبان هي جماعة محافظة، قوة دينية والولايات المتحدة هي ملحدة وليبرالية وهزيمة الحكومة الأمريكية هو تطور إيجابي لا لبس فيه”.
وعبر حساب مرتبط بمجموعة التفوق العرقي الأبيض “براود بويز” عن احترامه للطريقة التي “استعادت فيها طالبان الدين القومي وأعدمت المعارضين”.
وقال مصطفى عياد، مدير مركز أفريقيا، الشرق الأوسط وآسيا لمواجهة العنف المتطرف “يشعر اليمين المتطرف واليمين البديل بالحماسة لطالبان التي تتصرف بخشونة في أفغانستان ونحن نغادرها في ظل رئيس ديمقراطي”، وأضاف أن هذه الدوائر تشعر “أننا هزمنا”.
وتقول الكاتبة إن شعور اليمين المتطرف بحماسة تجاه تنظيم إسلامي متشدد ليس أمرا جديدا، فقد أثنت عدة جماعات متطرفة في أمريكا على هجمات القاعدة ضد أمريكا في 11 أيلول/ سبتمبر 2001. ولكن الوضع مختلف الآن، لأن المسافة بين اليمين المتطرف الذي نما ويرقص أعضاؤه فرحا بانتصار طالبان ومراكز القوة قد قلت.
وربما كان مات غيتز، الجمهوري عن فلوريدا مهرجا، لكنه نائب في الكونغرس وكان مقربا من الرئيس السابق. وفي تغريدة على “تويتر” كتبها بداية الشهر وصف فيها حركة طالبان، بنفس الطريقة التي تحدث فيها ترامب عنها بأنها “أكثر شرعية من حكومة أفغانستان بل والحكومة الحالية هنا” في الولايات المتحدة.
وقبل 20 عاما شنت الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر حربا سوقت لها بأنها معركة من أجل الديمقراطية.
وفي ذلك الوقت كانت الديمقراطية الليبرالية بشكل عام مبجلة في الولايات المتحدة، ولهذا السبب شعرنا بالغرور أننا نستطيع تصديرها بالقوة. وشعر الكثيرون، من اليمين تحديدا، بالقلق من الجهادية وما تمثله من تهديد على مجتمع مفتوح حديث.
إلا أن الرحلة التراجيدية في العقدين الماضيين التي بدأت بنهيق اليمين الداعي للحرب مع الإسلاميين، قد انتهت بطليعة من اليمين المتطرف يحسدهم على كل شيء.
وحتى الهجمات الإرهابية يوم الخميس كان هناك نوع من الرضى بين المحافظين القوميين الذين يتمتعون باحترام من سيطرة طالبان على أفغانستان. وهم وإن لم يتعاطفوا مع بربرية طالبان إلا أنهم شعروا بهزيمة الليبرالية الدولية. وكتب المثقف القومي يورام هازوني في تغريدة على تويتر “ستكون إهانة أفغانستان تستحق العناء لو أدت لفساد المعيار القديم وولدت أفكارا جديدة”. لكن ماذا يقصد بالمعيار القديم؟ حسنا، فقد كتب قبل عدة أيام تغريدة جاء فيها “ما حدث من خطأ في العراق وأفغانستان كان أولا وأخيرا نابعا من الأفكار التي في رؤوس الأشخاص الذين أداروا العرض ولنقل إن اسمها: الليبرالية”.
وتعاطف تاكر كارلسون من فوكس نيوز وأكثر الأصوات القومية المؤثرة في أمريكا مع سياسة طالبان تجاه المرأة. وقال بعد سقوط طالبان “لا يكرهون ذكوريتهم” و”لا يعتقدون أنها سامة، وهم يحبون النظام البطريركي، وتحبه بعض نسائهم، وقد استعادوا كل هذا، وربما فشلنا في أفغانستان لأن معظم البرنامج النيوليبرالي كان فظيعا”. وكان يقصد على ما يبدو بالنظام النيوليبرالي، الليبرالية الاجتماعية وليس اقتصاديات التقشف.
واتضح أنه عندما تستخدم الحكومة وبشكل مخادع الديمقراطية الليبرالية لتبرير الحرب، فإن الديمقراطية هذه تفقد مصداقيتها عبر الهزيمة الساحقة. ففي كتابه الجديد “عهد الإرهاب” يقارن الصحافي في شؤون الأمن القومي، سبنسر أكرمان بين حروب ما بعد 9/11 المتعثرة وصعود دونالد ترامب.
وقال “كان ترامب قادرا وبسهولة التعبير عن واقع الحرب من خلال الإشارة إلى ما يضايق اليمين المتطرف وهو: الإهانة”. والذل يعزز العاطفة المتقلبة، وقد كتب الكثيرون عن دوره في صعود القاعدة. وليس مستغربا أن تشعر أطراف باليمين المتطرف بالرد على الإهانة من خلال التماهي مع صور الذكورية المتوحشة. وربما كان بعض من هذا التماهي من أجل الصدمة، ذلك أن اليمين بارع في إخفاء نواياه، لكن البعض منه صادق.
ويقول آدم هادلي، مدير “تكنولوجيل ضد الإرهاب”، وهو برنامج تدعمه الأمم المتحدة ويرصد نشاطات المتطرفين على الإنترنت “نعثر على الكثير من المحتوى الذي يظهر أن مواقع الإنترنت التابعة لجماعات اليمين في الولايات تتحدث عن انتصار طالبان وكيف أنه يخدم قضيتهم”.
وفي موقع تابع لمجموعة من النازيين الجدد، تحدث عن قدرة عصابة صغيرة من الأصوليين المسلحين على هزيمة الإمبراطورية الأمريكية. وبالنسبة للبقية المؤيدة لطالبان داخل اليمين، مثل براود بيوز والجماعات الخارجة عن حركة لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى “ماغا”، فإن بعضها مجرد متصيد في الماء العكر. وكما في حالة حركات مثل كيو انون وبوغولا بويز فطالبان لا تزال غريبة ومصدرا للتطرف.
وكما يقول عياد “الرد الكلاسيكي على كل هذا هو القول بأنها هامشية، ولكنها عندما تتوسع يتخلى الناس عن كلامهم”.