| على طريقة «الشيخ حسني».. كفيف يقود «تروسيكل» في الأقصر

على طريقة «الشيخ حُسني» في فيلم «الكيت كات»، الذي عُرض للمرة الأولى في عام 1991، وأدى دوره الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، قاد شاب يُدعة «أحمد حندقها الحفني»، من أبناء جزيرة «البعيرات»، التابعة لمركز القرنة غرب محافظة الأقصر، مركبة «تروسيكل»، رغم أنه «ضرير»، مؤكداً أنه لا يخشى القيادة على الطرق ولا المسافات البعيدة، ولا حتى ظلمات الليل.

 

«أحمد»: «أبويا وأمي لفوا بيا على الدكاترة ومفيش نتيجة»

«اتولدت أعمى، أبويا وأمي لفوا بيا على الدكاترة لكن مفيش نتيجة»، هكذا بدأ الشاب «أحمد الحنفي»، صاحب الـ27 عاماً، حديثه لـ«»، ليحكي عن معاناته طيلة الفترات الماضية، في ظل عمله سائق على «تروسيكل»، أو «توكتوك»، للحصول على لقمة العيش، لافتاً إلى أن الظروف الصعبة التي مر بها منعته من دخول الجامعة، أو حتى معهد عقب تخرجه من الثانوية الأزهرية، بمركز القرنة، لذا لم ينجح في التقدم لوظيفة حكومية والقبول بها.

وأوضح أن عمله سائقاً على التروسيكل بدأ بعد قيام والدته بشراء المركبة له منذ سنوات ليعمل عليها، لكنه رفض في بداية الأمر، بسبب حالته الصحية، وخشية وقوع أي حوادث خطرة نتيجة ذلك، ولكن مع مرور الوقت، استسلم للأمر، بل وأعجبته الفكرة، حتى قرر استكمال هذا الطريق، متحدياً جميع الظروف التي تمنعه من قيادة التروسكيل في هذه الحالة، وفرصة لكسب الرزق، خاصةً وأنه متزوج ولديه طفلان «منة» 5 سنوات، و«مروان» 8 سنوات.

“>

 

تعلّم القيادة نظرياً وقاد التروسيكل أول مرة لمسافة 3 كيلومترات

يحكي «الحفني» المرة الأولى التي قاد فيها التروسيكل، قائلًا: «أول مرة سوقت فيها كنت خايف، لأني مكنتش متعود، وطلعت بيه وسوقت لـ3 كيلو في جزيرة القرنة، ودي كانت أول مرة أسوق فيها»، مشيراً إلى أنه تعلم قيادة التروسيكل نظرياً من أصدقاء له كان يجلس بجوارهم، ومن ثم يرشدونه على كيفية القيادة بالمنطقة أو غيرها، ومنها تعلم مبادئ القيادة الصحيحة، وأصبح بإمكانه قيادة التروسيكل، وكذلك الموتوسيكل، والسير لمناطق بعيدة حتى أنها وصلت لمحافظة قنا.

وعن ماهية عمله على التروسيكل، قال: «أقوم خلاله بحمل الأشخاص من منطقة لأخرى، وفي بعض الأوقات أقوم بتوزيع أنابيب الغاز لبعض الأشخاص حسب الطلب، كما استعملت التروسيكل في توصيل الأجهزة الكهربائية لبعض أهالي المنطقة في حالة طلبهم لي»، مضيفاً إلى توصيل حمولات الأتربة في حالة الاضطرار لذلك، من أجل كسب لقمة العيش.

 

قاد التروسيكل حتى محافظة قنا ولا يخشى القيادة ليلاً

وعن مواعيد عمله، قال إنه يعمل سواء في النهار أو حتى بالليل، فمنذ أيام خرج من منزله في الساعة الثالثة فجراً، حيث طلبه بعض أهالي المنطقة لطلبية توصيل أنابيب غاز في أحد الأفراح، وبالفعل استيقظ وقام بتوصيل الطلبية دون حدوث أي مشكلات رغم قيادته في هذا الوقت المُتأخر من الليل.

واستكمل الحديث بأنه يسير لمسافات طويلة باستخدام  التروسيكل، سواء كانت انتقاله للبر الشرقي أو مسافات أخرى داخل المركز، أو حتى السفر لمحافظة قنا، ولكن قام بذلك حينها برفقة أصدقائه، ولديه الرغبة في التنقل والسفر به إلى مسافات أبعد تتخطى المحافظات، ولكن في حالة تم السماح للتروسيكل بالسفر.

عمل في السباكة ويحلم بالعمل «مؤذن» في مسجد

واستكمل الشاب صاحب الـ27 عاماً حديثه، بقوله إنه عمل في السابق في صليح بعض حنفيات المياه، التي حدثت بها مشكلات في منزله، لتكون أول تجاربه في عالم «السباكة»، ومن ثم أقتنع بهذه المهنة وأحبها، وبدأ في العمل بها، وتلبية احتياجات المواطنين من أهالي المنطقة في تصليح المواسير وحنفيات المياه.

أحلامه ليست كبيرة، وطموحة ليس بالبعيد، حيث يحلم «أحمد» بالعمل في إحدى الوظائف الحكومية، مثل أن يعمل «مؤذناً» في أحد مساجد القرية أو القرى المجاورة، خاصةً أن عمله كسائق تروسيكل يشكل خطراً عليه وغيره من المواطنين، بسبب حالته الصحية، لذا يحاول دائماً البحث عن وظيفة جديدة، تساعده على تخطي ظروف الحياة الصعبة.