قد يتعرض الإنسان للخيبات والهموم والمشاكل العديدة التي تجعله يود أن يتخلص من حياته ويتمنى الموت، وهُنا قد يتساءل هل تمني الموت حرام ؟ تابعنا في السطور التالية؛ لنجيب لك عن هذا السؤال.
هل تمني الموت حرام
- نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تمني الموت؛ ففي صحيح البخاري وغيره
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:لا يتمنى أحدكم الموت؛ إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب. - وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- أيضًا: “لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن
كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت
الوفاة خيرا لي.” - ولكن يظل تمني الموت ليس بحرام، ومن يتمناه أو يدعو الله به لا يأثم، ولكنه
مكروه إذا كان الشخص يتمناه وهو على صحة ومن غير خوف فتنة في الدين؛ وعليه
لا ينبغي للعبد أن يسأل الموت أو يتمناه.
وبعدما عرضنا لكم هل تمني الموت حرام؛ تابعونا في السطور التالية؛ لنوضح لكم حكم تمني الموت خوفاً من الفتنة، وآية قرآنية عن تمني الموت.
ايه قرآنية عن تمني الموت
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
“يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.” (مريم:23) ، وهي آية عن السيدة مريم عليها السلام. - وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: “فيه دليل على جواز تمني الموت
عند الفتنة، فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل
الناس أمرها فيه على السداد، ولا يصدقونها في خبرها، وبعدما كانت عندهم
عابدة ناسكة، تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية”.. - وقال القرطبي في تفسيرها أيضًا: ”تمنت مريم عليها السلام الموت من جهة الدين لوجهين:
-أحدهما: أنها خافت أن يظن بها الشر في دينها، وتعير، فيفتنها ذلك.
-الثاني: لئلا يقع قوم بسببها في البهتان، والنسبة إلى الزنى، وذلك مهلك،
وعلى هذا الحد يكون تمني الموت جائزا.”
حكم تمني الموت خوفاً من الفتنة
- تبعًا للقرآن والسُنة؛ فيجوز تمني الموت خوفًا من الفتنة في الدين؛ ففي
القرآن الكريم عن السيدة مريم عليها السلام أنها قالت: “يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ
هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.” (مريم:23(- وقد بينا تفسير هذه الآية في السطور السابقة-. - أما في السُنة؛ فجاء دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بالموت خوف الفتنة
في الدين، كما في حديث: “وَإِذَا أَرَدْتَ بِعِبَادِكَ فِتْنَةً، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ.”رواه أحمد والترمذي. - وقال الإمام النووي في شرح مسلم:” فَأَمَّا إِذَا خَافَ ضَرَرًا فِي دِينه، أَوْ فِتْنَة
فِيهِ، فَلَا كَرَاهَة فِيهِ؛ لِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا الثَّانِي خَلَائِق
مِنْ السَّلَف عِنْد خَوْف الْفِتْنَة فِي أَدْيَانهمْ. وَفِيهِ أَنَّهُ إِنْ خَافَ وَلَمْ يَصْبِر عَلَى
حَاله فِي بَلْوَاهُ بِالْمَرَضِ وَنَحْوه، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي إِنْ كَانَتْ الْحَيَاة خَيْرًا… إِلَخْ،
وَالْأَفْضَل الصَّبْر، وَالسُّكُون لِلْقَضَاءِ.” -
وقال الحافظ في الفتح:
- “فَإِن وجد الضّر الْأُخْرَوِيَّ بِأَنْ خَشِيَ فِتْنَةً فِي دِينِهِ،
لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ من رِوَايَة بن حِبَّانَ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ
الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، عَلَى أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَبَبِيَّةٌ، أَيْ بِسَبَبِ أَمْرٍ
مِنَ الدُّنْيَا، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ:
اللَّهُمَّ كَبِرَتْ سِنِّي، وَضَعُفَتْ قُوَّتِي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مُضَيِّعٍ
وَلَا مُفَرِّطٍ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبَسٍ، وَيُقَالُ عَابِسٌ الْغِفَارِيُّ أَنَّهُ قَالَ: يَا طَاعُونُ خُذْنِي، فَقَالَ لَهُ عُلَيْمٌ الْكِنْدِيُّ:
لِمَ تَقُولُ هَذَا، أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: بَادِرُوا بِالْمَوْتِ سِتًّا: إِمْرَةَ السُّفَهَاءِ، وَكَثْرَةَ الشُّرَطِ،
وَبَيْعَ الْحُكْمِ الْحَدِيثَ.”
وإلى هُنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا، وعرضنا لكم هل تمني الموت حرام أم لا.. آملين أن نكون قد قدمنا لكم ما تبحثون عنه.. يمكنكم كذلك معرفة: حكم تمني الموت شوقًا للقاء الله