05:01 م
السبت 11 سبتمبر 2021
كتبت- هبة خميس:
بين تاجر اختار طريق الله وكاتب أحب الشباب وأحبوه وطبيب توحد مع الغلابة وصار منهم، تعددت الطرق لكن حب الناس كان واحداً، والإخلاص في توديعهم كان واحداً.
بينما يتابع الناس الجنازة الشعبية المهيبة لرجل الأعمال الراحل “محمود العربي” نسترجع جنازات شبيهة كانت أيادِ الناس المودعة هي البطل الأساسي لتكتب سيرة الراحلين وكيف أثروا في الناس وعاشوا في خدمتهم؟ .
“تجارة مع الله خير وأبقى”
في يناير عام 2016 شيع مليون شخصاً من محافظة الدقهلية التاجر الراحل “صلاح عطية” بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز سبعين عاماً.
لم تكن تلك الجنازة الشعبية من فراغ، فالراحل الذي بدأ حياته تاجراً وضع نسبة من أرباحه لأعمال الخير، فبدأ في إنشاء معهد أزهري للبنين وآخر للبنات ومعهدين آخرين للمراحل الأكبر.
وبعد فترة قصيرة أنشأ مؤسسة أشبه بيت مال للمسلمين يخدم أهل بلدته، ومن المعاهد الأزهرية لإنشاء كلية بالبلدة وبيت للطلبة والطالبات.
لم يكن الاهتمام بالتعليم هو الشيء الوحيد الذي فعله الحج “عطية”، فاهتم ببناء المساجد بالمحافظة، وكفالة الطلاب تماماً وتزويجهن ووضع العديد من لجان التنمية بالقرى، ولجان لتوظيف الشباب وتدريبهم.
اتفق المقربون منه أنه عاهد ربه طوال حياته بإنفاق ثلث ماله وأرباحه للدرجة التي جعلت قريته قرية بلا فقراء وعمم التجربة على القرى المجاورة.
في يوم وفاته خرج معظم أبناء محافظته لتوديعه وعم الحزن بلدته؛ لتخلد ذكراه بأعماله وبحجم الوداع وضخامته لتربح دائماً كفة التجارة مع الله، وخدمة الناس.
“ستكون مشاهد جنازتي جميلة ومؤثرة لكني لن أراها للأسف برغم انني سأحضرها بالتأكيد”.
في مطلع إبريل عام 2018 ودعت مصر الكاتب “أحمد خالد توفيق” الذي عرف بأديب الشباب، عن عمر يناهز 55 عاماً من مدينته طنطا في جنازة ضخمة البطل الرئيسي بها هم الشباب الذين أحبوه وقرأوا له لسنوات طويلة وتأثروا بكتاباته.
و يعتبر الراحل من العلامات البارزة لأدب الرعب والسلاسل، فكانت بدايته مع سلسلة “ما وراء الطبيعة” التابعة للمؤسسة العربية الحديثة، ومنها لمجالات الأدب الواسعة حيث كتب الرواية والقصص القصيرة والكثير من المقالات، وبعد سنوات طويلة من الإخلاص للكتابة للشباب شيعه محبوه من مسقط رأسه بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، ومازالوا حتى الآن زائرين مخلصين له لا ينقطعون عن سيرته الطيبة ويرددون مقالاته ويحفظونها لتنطبق عليه مقولته “جعل الشباب يقرؤون”.
“تمنى أن يأتيه الموت وهو يؤدي دوره داخل العيادة بين مرضاه”
في نهاية يوليو عام 2020 ودع الكثير من المرضى طبيبهم الدكتور “محمد مشالي” الذي اشتهر بطبيب الغلابة، وفي رمضان السابق لوفاته اشتهرت سيرة الطبيب الراحل بعد رفضه مبلغ ضخم من فاعل خير في إحدى برامج رمضان بسبب عدم حاجته للمال لتنتشر سيرته على السوشيال ميديا و يعلم العالم الكثير عن الراحل “طبيب الغلابة”.
تخرج “مشالي” من كلية طب القصر العيني عام 1967 وبعدها بسنوات بدأ في استقبال المرضى في عيادته بمحافظة الغربية، ليشتهر “مشالي” لسنوات طويلة بتقاضيه مبلغ زهيد لقاء الكشف على مرضاه مع تزويدهم بالدواء للمحتاجين.
لخمسة و عشرون عاماً ظل “مشالي” يستقبل المرضى لقاء جنيهات قليلة ومخلصاً لدوره في خدمة المرضى ويصبح الطبيب المثالي على مستوى الجمهورية.
و في يوم رحيله رافقه المئات من مرضاه حتى مثواه الأخير في محافظة البحيرة مسقط رأسه ليصبح أيقونة يتداولها الناس عن الإخلاص في العمل ومراعاة أحوال غير القادرين وخدمتهم.